ثم قال عز وجل: { وَعَاداً وَثَمُودَ } وقال بعضهم انصرف إلى قوله{ وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } [العنكبوت:3] وفتنا عاداً وثموداً وقال بعضهم انصرف إلى قوله{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ } [الأعراف: 78] يعني أخذهم العذاب، وأخذ عاداً وثموداً، ويقال: معناه اذكر عاداً وثموداً، أو يقال: صار نصباً لنزع الخافض ومعناه وأرسلنا الرسل إلى عاد وثمود { وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مّن مَّسَـٰكِنِهِمْ } يعني: ظهر لكم يا أهل مكة من منازلهم آية في إهلاكهم { وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَعْمَـٰلَهُمْ } يعني ضلالتهم { فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } يعني صرفهم عن الدين، ويقال منعهم عن التوحيد ويقال صد يصد صداً إذا منعه وصد يصد صدوداً إذا امتنع بنفسه وأعرض قوله { وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ } في دينهم وهم يرون أنهم على الحق وهم على الباطل ويقال كانوا مستبصرين أي ذوي بصيرة ومع ذلك جحدوا ثم قال عز وجل: { وَقَـٰرُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَـٰمَـٰنَ } يعني أهلكنا قارون وفرعون وهامان { وَلَقَدْ جَاءهُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيّنَـٰتِ } يعني بالعلامات والآيات { فَٱسْتَكْبَرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } يعني طغوا فيها وتعظموا عن الإيمان { وَمَا كَانُواْ سَـٰبِقِينَ } يعني بفائتين من عذابنا قوله عز وجل { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ } يعني كلهم أهلكناهم بذنوبهم ويقال معناه أهلكنا كل واحد منهم بذنبه لا بذنب غيره { فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً } يعني الحجارة وهم قوم لوط { وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ } يعني قارون { وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا } وهم فرعون وقومه، وقال العتبي: الأخذ أصله باليد ثم يستعار في مواضع فيكون بمعنى القبول كقوله عز وجل{ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِى } [آل عمران: 81] أي قبلتم عهدي والأخذ التعذيب كقوله { وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبّكَ } وكقوله { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ } يعني عذبنا وكقوله{ وَهَمَّتْ كُـلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ } [غافر: 5] يعني ليعذبوه { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ } يعني لم يعذبهم من غير جرم منهم { وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } بجرمهم يستوجبون العقوبة.