الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ وَٱعْبُدُوهُ وَٱشْكُرُواْ لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِئُ ٱللَّهُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىءُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } * { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }

قوله عز وجل: { وَإِبْرٰهِيمَ } يعني: أرسلنا إبراهيم عطفاً على قوله " ولقد أرسلنا نوحاً " ويقال: معناه واذكر إبراهيم { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ } يعني وحدوا الله عز وجل واتقوه يعني اخشوه ولا تعصوه { ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ } يعني التوحيد وعبادة الله عز وجل خير من عبادة الأوثان { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } قوله عز وجل { إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَـٰناً } يعني أصناماً { وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً } يعني: تعملونها بأيديكم ثم يقولون إنها آلهة ويقال: تتخذونها آلهة كذباً ثم قال { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } وهي الأصنام { لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً } يعني لا يقدرون أن يعطوكم مالاً ولا يقدرون أن يرزقوكم { فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرّزْقَ } يعني الله عز وجل هو الذي يملك رزقكم فاطلبوا الرزق من الله عز وجل { وَٱعْبُدُوهُ وَٱشْكُرُواْ لَهُ } أي وحدوه واشكروا له في النعم فإن مصيركم إليه { إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } بعد الممات قال الله عز وجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - قل لأهل مكة { وَإِن تُكَذّبُواْ } بما أخبرتكم من قصة نوح وإبراهيم عليهما السلام { فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مّن قَبْلِكُمْ } يعني كذبوا رسلهم { وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ } يعني إلا أن يبلغ الرسالة ويبين أمر العذاب ويقال إلا أن يبلغ الرسالة ويبين مراد الرسالة ثم قال الله عز وجل { أَوَ لَمْ يَرَوْا } قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر " أو لم تروا " بالتاء على معنى المخاطبة يعني قل لهم يا محمد أو لم تروا وقرأ الباقون بالياء ومعناه يا محمد أو لم يروا هؤلاء الكفار { كَيْفَ يُبْدِىء ٱللَّهُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } يعني يخلقهم في الابتداء ولم يكونوا نسياً ثم يعيدهم كما خلقهم { إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } يعني إن الذي خلق الخلق يقدر أن يعيدهم وهو عليه هين قوله عز وجل { قُلْ سِيرُواْ فِى ٱلأرْضِ } يعني: سافروا في الأرض يعني فتعتبروا في أمر البعث، ويقال سيروا في الأرض يعني اقرؤوا القرآن { فَٱنظُرُواْ } أي فاعتبروا { كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ } يعني: كيف خلق الخلق { ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىء ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ } يعني: يحييهم بعد الموت للمبعث { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ } من أمر البعث وغيره ثم قال عز وجل { يُعَذّبُ مَن يَشَاء } يعني: يخذل من يشاء ولا يهدي من لم يكن أهلاً لذلك { وَيَرْحَمُ مَن يَشَاء } أي: يهديه إن كان أهلاً كذلك { وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } يعني: ترجعون إليه في الآخرة قوله عز وجل { وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِى ٱلأرْضِ } يعني لا تهربون منه ولا تفوتونه { وَلاَ فِى ٱلسَّمَاء } يعني إن كنتم في الأرض ولا في السماء لا يَقدرون أن يهربوا منه { وَمَا لَكُم مّن دُونِ ٱللَّهِ } يعني: من عذاب الله { مِن وَلِىّ } يعني: من قريب ينفعكم { وَلاَ نَصِيرٍ } يعني ولا مانع يمنعكم من عذاب الله عز وجل.