الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي ٱلصَّالِحِينَ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يِقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ فَإِذَآ أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ ٱلنَّاسِ كَعَذَابِ ٱللَّهِ وَلَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَ لَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ } * { فأَنْجَيْناهُ وأَصْحَابَ ٱلسَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ }

ثم قال عز وجل: { وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } يعني: أقروا وصدقوا بوحدانية الله تعالى وبنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - { وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } يعني: الطاعات فيما بينهم وبين ربهم { لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِى ٱلصَّـٰلِحِينَ } أي: مع الأنبياء والرسل عليهم السلام في الجنة ويقال لندخلنهم في جملة الصالحين ونحشرهم مع الصالحين قوله عز وجل: { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءامَنَّا بِٱللَّهِ } نزلت في عياش بن أبي ربيعة هاجر إلى المدينة قبل قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - إليها فجزعت أمه من ذلك جزعاً شديداً فقالت لأخويه أبي جهل بن هشام والحارث بن هشام وهما أخواه لأمه وأبناء عمه فخرجوا في طلبه فظفروا به، وقالوا له إن بر الوالدة واجب فعليك أن ترجع فتبرها فإنها حلفت أن لا تأكل ولا تشرب، وأنت أحب الأولاد إليها فلم يزالوا به حتى تتابعهم فجاءوا به إلى أمه فعمدت أمه فقيدته، وقالت: والله لا أحلك من وثاقك حتى تكفر بمحمد وضربوه حتى رجع إلى دينهم فنزل " ومن الناس من يقول آمنا بالله " { فَإِذَا أُوذِىَ فِى ٱللَّهِ } يعني: عذب في دين الله عز وجل: { جَعَلَ فِتْنَةَ ٱلنَّاسِ } يعني: عذاب أخوته في الدنيا { كَعَذَابِ ٱللَّهِ } في الآخرة ويقال نزلت في قوم من المسلمين أخذوهم إلى مكة وعذبوهم حتى ارتدوا فنزل " من الناس من يِقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله " يعني: جزع من ذلك كما يجزع من عذاب الله فينبغي للمسلم أن يصبر على إيذائه في الله (وصارت الآية لجميع المسلمين ليصبروا على ما أصابهم في الله عز وجل ثم قال) { وَلَئِنْ جَاء نَصْرٌ مّن رَّبّكَ } يعني: لو يجيء نصر من الله عز وجل بظهور الإسلام والغلبة على العدو بمكة وغيرها { لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ } أي: على دينكم { أَوَلَـيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ } يعني: أوليس الله عليم { بِمَا فِى صُدُورِ ٱلْعَـٰلَمِينَ } من التصديق والتكذيب أعلم بمعنى عليم يعني: هو عليم بما في قلوب الخلق، ويقال معناه هو أعلم بما في صدورهم فهم أي بما في صدور أنفسهم { وَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } يعني: ليميزن الله الذين ثبتوا على دين الإسلام { وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ } يعني: ليميزن المنافقين الذين لم يكن إيمانهم حقيقة قوله عز وجل: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي: جحدوا وأنكروا { لِلَّذِينَ ءامَنُواْ } وذلك أن أبا سفيان بن حرب وأمية بن خلف وعتبة ابن شيبة قالوا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أو خباب بن الأرت وأناس آخرين من المسلمين { ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا } يعني: ديننا الذي نحن عليه واكفروا بمحمد ودينه { وَلْنَحْمِلْ خَطَـٰيَـٰكُمْ } يعني: نحن الكفلاء لكم بكل تبعة من الله عز وجل تصيبكم وأهل مكة شهداء علينا يقول الله عز وجل { وَمَا هُمْ بِحَـٰمِلِينَ مِنْ خَطَـٰيَـٰهُمْ مّن شَىْءٍ } يعني لا يقدرون أن يحملوا خطاياهم يعني وبال خطاياهم عنهم ولا يرفعون عنهم لأنهم لو استطاعوا أن يدفعوا لدفعوا عن أنفسهم { وَإِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } في مقالتهم ثم قال عز وجل { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ } يعني يحملون من أوزار الذين يضلونهم من غير أن ينقص من أوزار العاملين شيء وهذا كقوله عز وجل

السابقالتالي
2