الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ } * { وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ } * { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِيۤ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ }

قوله عز وجل: { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِى ٱلأرْضِ } يعني: أردنا أن نمن بالنجاة على الذين استضعفوا في الأرض وهم بنو إسرائيل نمن. يعني: ننعم عليهم { وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً } يعني: قادة في الخير { وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ } يعني: أرض مصر وملك فرعون وقومه بعد هلاك فرعون { وَنُمَكّنَ لَهُمْ } يعني: نملكهم ويقال: ننزلهم في الأرض { فِى ٱلأرْضِ } يعني: في أرض مصر { وَنُرِىَ فِرْعَوْنَ وَهَـٰمَـٰنَ } قرأ حمزة والكسائي: ويرى بالياء والنصب وفرعون وهامان { وَجُنُودَهُمَا } بالرفع كل ذلك قرأ والباقون: ونرى بالنون والضم وفرعون وهامان وجنودهما كلها بالنصب ونصب نرى لأنه معطوف على قوله أن نمن فكأنه قال: أن نمن وأن نري ونصب فرعون لوقوع الفعل عليه ومن قرأ بالياء رفعه لأن الفعل منه ثم قال: وهامان وجنودها { مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرونَ } يعني: يرون ما كانوا يخافون من ذهاب الملك وقوله عز وجل: { وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمّ مُوسَىٰ } يعني: أَلْهمنا أم موسى { أَنْ أَرْضِعِيهِ } وذلك أن أم موسى حبلت فلم يظهر بها أثر الحبل حتى ولدت موسى وأرضعته ثلاثة أشهر أو أكثر فألهمها الله تعالى بقوله: { فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ } يعني: إلى صباحه { فَأَلْقِيهِ فِى ٱليَمّ } يعني: في البحر قال: مقاتل وهو النيل فعلمها جبريل ويقال: رأت في المنام بأنها تؤمر أن تلقيه في البحر ويقال كان هذا إلهاماً ويقال: كانت دلالة حيث علمت بالرؤيا أو شيء خيل لها أن تفعل ما فعلت كما أن إبراهيم عليه السلام رأى في المنام ذبح إسحاق وإسماعيل عليهما السلام وذكر أنها كانت تخبز يوماً وكان موسى عليه السلام على رأس التنور إذ دخل قوم فرعون يطلبون الولد فوضعته في التنور فدخلوا فلم يجدوا موسى عليه السلام فجاءت إلى التنور فوجدته يلعب بأصابعه في الأرض فاستيقنت أن الله تعالى يحفظه فجعلته في التابوت وألقته في النيل ثم قال: { وَلاَ تَخَافِى } الغرق { وَلاَ تَحْزَنِى } أن لا يرد إليك { إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَـٰعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } يعني: رسولاً إلى فرعون وقومه فلما ألقته في النيل جاء به الماء وكان ممر الماء في دار فرعون فوجدته جواري فرعون بين الماء والشجر فمن ثم سمي موسى بلفظ القبط موسى فذلك قوله تعالى: { فَٱلْتَقَطَهُ ءالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } يعني: إن أخذهم إياه كان سبباً لحزنهم فكأنهم أخذوه لذلك وإنما كان أخذهم لم يكن لذلك قرأ حمزة والكسائي: وحزناً بضم الحاء وسكون الزاي وقرأ الباقون: بنصب الحاء والزاي وهما لغتان ومعناهما واحد { إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَـٰمَـٰنَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَـٰطِئِينَ } يعني: مشركين ويقال: عاصين آثمين.