الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ } * { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَيَوْمَ ٱلْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ } * { وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ } * { وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ }

قوله عز وجل: { وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِى ٱلأَرْضِ } يعني: استكبر فرعون عن الإيمان هو وقومه { بِغَيْرِ ٱلْحَقّ } يعني: بغير حجة { وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ } يعني: وحسبوا أنهم { إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ } بعد الموت قرأ نافع وحمزة والكسائي لا يرجعون بنصب الياء وكسر الجيم على فعل لأنهم وقرأ الباقون بضم الياء أي لا يردون بمعنى التعدي قول الله تعالى { فَأَخَذْنَـٰهُ وَجُنُودَهُ } يعني: عاقبناه وجنوده { فَنَبَذْنَـٰهُمْ فِى ٱلْيَمّ } يعني: أغرقناهم في البحر وقال مقاتل في النيل { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني: المشركين { وَجَعَلْنَـٰهُمْ أَئِمَّةً } يعني: خذلناهم حتى صاروا قادة ورؤساء للضلال والجهال { يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } يعني: إلى عمل أهل النار ويقال إلى الضلالة التي عاقبتها النار { وَيَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ لاَ يُنصَرُونَ } يعني: لا يمنعون من عذابي { وَأَتْبَعْنَـٰهُم فِى هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً } أي: عقوبة وهو الغرق { وَيَوْمَ القِيَـٰمَةِ هُمْ مّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ } أي: من المهلكين والعرب؛ تقول: قبحه الله أهلكه الله ويقال: وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة وذلك أنهم لما أهلكوا لعنوا فهم يعرضون على النار غدوة وعشية إلى يوم القيامة ويوم القيامة هم من المقبوحين الممقوتين المهلكين ويقال من المقبوحين أي: من المعذبين ويقال إنه قبح صورتهم ويقال: من المقبوحين أي من المشوهين قوله عز وجل: { وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَـٰبَ } يعني: أعطيناه التوراة { مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ } بالعذاب أي: من بعد قوم نوح وعاد وثمود { بَصَائِرَ لِلنَّاسِ } يعني: هلاكهم بصيرة للناس وغيرهم ويقال بصائر يعني الكتاب بياناً لبني إسرائيل ومعناه ولقد آتينا موسى الكتاب بصائر أي مبيناً للناس { وَهَدَىٰ } من الضلالة لمن عمل به { وَرَحْمَةً } لمن آمن به من العذاب { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أي لكي يتعظوا فيؤمنوا بتوحيد الله { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِىّ } أي: ما كنت يا محمد بناحية الجبل من قبل المغرب { إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ } يعني: إذ عهدنا إليه بالرسالة ويقال: أحكمنا معه وعمدنا إليه بأمرنا ونبينا { وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ } يعني: حاضرين لذلك الأمر { وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ } أي الأجل فنسوا عهد الله ونسوا أمره { وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِى أَهْلِ مَدْيَنَ } أي: مقيماً في أهل مدين { تَتْلُو عَلَيْهِمْ ءايَـٰتِنَا } يعني: تتلوا على أهل مكة القرآن يعني: أن الله تعالى أعلمك أخبار الأمم الماضية من حديث موسى وشعيب عليهما السلام ليكون علامة لنبوتكم حيث يخبرك بخبر موسى ولم تكن حاضراً هناك ولم تكن تقرأ القرآن { وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } إليك لتخبرها بخبر أهل مدين وبخبر موسى ويقال: { وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسَلِينَ } يعني: أرسلناك رسولاً وأنزلنا هذه الأخبار لتخبرهم لولا ذلك لما علمتها.