الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ } * { وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّيۤ أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ ٱلدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ } * { وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰأَيُّهَا ٱلْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يٰهَامَانُ عَلَى ٱلطِّينِ فَٱجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّيۤ أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ }

قوله عز وجل: { فَلَمَّا جَاءهُم مُّوسَىٰ بِـئَايَـٰتِنَا بَيّنَـٰتٍ } (يعني: جاء إلى فرعون وقومه بعلاماتنا وذكر في رواية مقاتل أن فرعون لم يأذن لهما إلى سنة وقال) في رواية السدي وغيره أنه لما جاء إلى الباب لم يأذن له البواب فضرب عصاه على باب فرعون ضربة ففزع من ذلك فرعون وجلساؤه فدعا البواب وسأله فأخبره أن بالباب رجلاً يقول أنا رسول رب العالمين فأذن له فدخل فأدى الرسالة وأراهم العلامة فقالوا هذا سحر فذلك قوله عز وجل { قَالُواْ مَا هَـٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى } يعني ما هذا الذي جئت به إلا كذب مختلق يعني: الذي جئت به ما هو إلا سحر قد اختلقته من ذات نفسك { وَمَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِى ءابَائِنَا ٱلأَوَّلِينَ وَقَالَ مُوسَى } قرأ ابن كثير بغير واو وقرأ الباقون بالواو فمن قرأ بالواو فهو عطف جملة على جملة ومن قرأ بغير واو فهو استئناف قال موسى { رَبّى أَعْلَمُ بِمَن جَاء بِٱلْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ } يعني أنا جئت بالهدى من عند الله { وَمَن تَكُونُ لَهُ عَـٰقِبَةُ ٱلدَّارِ } يعني: هو أعلم بمن تكون له الجنة والنار ويقال بمن يكون له عاقبة الأمر والدولة قرأ حمزة والكسائي: ومن يكون بلفظ التذكير وقرأ الباقون تكون بلفظ التأنيث ثم قال: { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } يعني: لا يأمن الكافرون من عذابه { وَقَالَ فِرْعَوْنُ } لأهل مصر { يٰأَيُّهَا ٱلْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِى } فلا تطيعوا موسى وهذه إحدى كلمتيه التي أخذه الله بهما والأخرىفَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [النازعات: 24] ثم قال: { فَأَوْقِدْ لِى يٰهَـٰمَـٰنُ عَلَى ٱلطّينِ } أي أوقد النار على اللبن حتى يصير آجراً قال مقاتل وكان فرعون أول من طبخ الآجر وبنى به { فَٱجْعَل لّى صَرْحاً } أي قطراً طويلاً منه وهو المنارة { لَّعَلّى أَطَّلِعُ } السماء { إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ } يعني: وأقف عليه فبنى الصرح وكان بلاطه خبث القوارير وكان الرجل لا يستطيع القيام عليه من طوله مخافة أن تنسفه الرياح وكان طوله في السماء خمسة آلاف ذراع وعرضه ثلاثة آلاف ذراع فلما فزع من بنائه جاء جبريل - عليه السلام - فضرب جناحه على الصرح فهدمه ثم قال تعالى: { وَإِنّى لأظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ } أي أحسب موسى بما يقول أن في السماء إلهاً من الكاذبين.