قوله عز وجل: { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ } أي: من قبل مجيء أمه ويقال في رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس أن أم موسى عليها السلام قالت لأخته قصيه أي اطلبي أثره بعد ما أخذه آل فرعون ولم يقبل رضع أحد وحرمنا عليه المراضع من قبل مجيء أخته ويقال: حرمنا عليه المراضع يعني: منعنا موسى أن يقبل ثدي مرضع من قبل أن نرده على أمه { فَقَالَتْ } أخته حين تعذر عليهم إرضاعه { هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ } يعني: يضمنونه لكم رضاعه ويقال: يضمنونه { وَهُمْ لَهُ نَـٰصِحُونَ } يعني: مشفقون للولد ويقال: مخلصون شفقة فقال هامان: خذوها حتى تخبرنا بقصة هذا الغلام فأخذت فألهمها الله تعالى أن قالت عند ذلك إنما ذكرت النصيحة لفرعون أعني وهم له ناصحون لفرعون لا لغيره فقال هامان لفرعون دعوها فقد صدقت فأرسل إليها فلما جاءت أمه وضعت الثدي في فمه فأخذ ثديها وسكن فذلك قوله تعالى: { فَرَدَدْنَـٰهُ إِلَىٰ أُمّهِ كَىْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } يعني: كائن صدق وهو قوله إنا رادوه إليك { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } بأن وعد الله حق يعني أهل مصر قوله عز وجل: { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ } ثم قال: قال مجاهد: يعني بلغ ثلاثاً وثلاثين سنة { وَٱسْتَوَىٰ } يعني: بلغ أربعين سنة قال وفي رواية الكلبي الأشد ما بين ثمانية عشر سنة إلى ثلاثين سنة ويقال: ولما بلغ أشده يعني منتهى قوته وهو ما فوق الثلاثين واستوى يعني: بلغ أربعين سنة { آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا } يعني: علماً وعقلاً ويقال: النبوة وعلم التوراة وروى مجاهد عن ابن عباس قال: الأشد ثلاثاً وثلاثين سنة وأما الاستواء فأربعون سنة والعمر الذي أعذر الله تعالى ابن آدم فيه إلى ستين سنة يعني: قوله:{ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ } [فاطر:37] ثم قال: { وَكَذَلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ } يعني: المؤمنين قوله عز وجل: { وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ } قال مقاتل يعني: قرية على رأس فرسخين وقال غيره يعني: المصر { عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مّنْ أَهْلِهَا } يعني: نصف النهار وقت القيلولة ويقال ما بين المغرب والعشاء { فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ } يعني: من بني إسرائيل { وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوّهِ } يعني: من القبط وقال القتبي: هذا من شيعته أي: من أصحابه وهذا من عدوه أي من أعدائه والعدو يدل على الواحد والجمع وذكر أن خباز فرعون أخذ رجلاً من بني إسرائيل سخرة فأمره بأن يحمل الحطب إلى دار فرعون { فَٱسْتَغَـٰثَهُ ٱلَّذِى مِن شِيعَتِهِ } يعني: هذا الذي من شيعة موسى استغاث بموسى { عَلَى ٱلَّذِى مِنْ عَدُوّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ } يعني: ضربه بكفه ضربة في صدره وقال القتبي: فوكزه يعني: لكزه ويقال لكزته ووكزته إذا دفعته { فَقَضَىٰ عَلَيْهِ } يعني: مات الخباز بضربته وكل شيء فرغت منه فقد قضيته وقضيت عليه فمعنى قوله فقضى عليه أي قتله ولم يتعمد قتله وكان موسى شديد البطش ثم ندم على قتله فقال إني لم أؤمر بالقتل وإن كان كافراً { قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَـٰنِ } يعني هو الذي حملني على هذا الفعل { إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ } يعني: يضل الخلق مبين يعني: ظاهر العداوة ثم استغفر إلى الله تعالى { فَقَالَ } موسى { رَبّ إِنّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَٱغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُ } يعني: غفر الله ذنبه عز وجل { إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ } للذنوب لمن تاب { ٱلرَّحِيمُ } بخلقه