الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا جَآءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ } * { وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ } * { قِيلَ لَهَا ٱدْخُلِي ٱلصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

قوله: { فَلَمَّا جَاءتْ } يعني: بلقيس وجلست على السرير { قِيلَ } لها { أَهَكَذَا عَرْشُكِ } يعني: أهكذا سريرك { قَالَتْ } بلقيس { كَأَنَّهُ هُوَ } شبهته به قال مقاتل: شبهوا عليها فشبهت عليهم ولو قيل لها أهذا عرشك لقالت: نعم ويقال: إنها شكت في ذلك لأنها تركت سريرها في سبعة أبيات مقفلة أبوابها ومفاتيح الأقفال بيدها فقال سليمان { وَأُوتِينَا ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا } يعني: حمد الله على ما أعطاه من إِتيان السرير وحضورها وعلى ما أعطاه قبل إتيانها من النبوة والإسلام فقال: وأوتينا العلم من قبلها يعني: أعطينا العلم من قبل مجيئها ويقال: أعطينا علم ملكها وعرشها من قبل مجيئها { وَكُنَّا مُسْلِمِينَ } يعني: مخلصين لله تعالى ويقال: مسلمين منقادين له قوله عز وجل: { وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِ } يعني: عبادتها التي كانت تعبد الشمس منعها عن الإسلام ويقال: معناه صدها إبليس عن الإيمان فتكون ما ها هنا بمعنى الفاعل ويقال: ما هنا بمعنى المفعول فكأنه يقول صدها سليمان عما كانت تعبد من دون الله كرجل يقول منعت فلاناً الماء يعني: عن الماء ويقال: معناه: أن الله تعالى صدها عما كانت تعبد من دون الله ووفقها للإسلام ويقال: صدها عن الإسلام العبادة التي كانت تعبدها لأنها نشأت ذلك وربيت ولم تعرف إلا قوماً يعبدون الشمس ثم قال: { إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَـٰفِرِينَ } أي: من قوم جاحدين لله تعالى قوله عز وجل: { قِيلَ لَهَا ٱدْخُلِى ٱلصَّرْحَ } يعني: القصر وذلك لأنها لما أقبلت قالت الجن: لقد لقينا من سليمان ما لقينا من التعب فلو اجتمع سليمان وهذه وما عندها من العلم لهلكنا وخشوا أن يتزوجها ويكون بينهما ولد فيرث الملك فيبقون في ذلك العناء إلى الأبد فأرادوا أن يبغضوها إلى سليمان فقالوا: إِن رجليها شعراوان وقال مقاتل: كانت أمها جنية وروى ابن أبي نجيح عن (مجاهد قال: كانت أمها جنية) وكانت شعراء وقال بعضهم: هذا لا يصح لأن الجن ليسوا من جنس الآدميين فلا يكون بينهما شهوة ونسل وقد قال الله تعالى:إِنَّا خَلَقْنَـٰكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ } [الحجرات: 13]. يعني: آدم وحواء عليهما السلام فلا يجوز أن يكون النسل من غيرهما ويقال: إنهم قالوا لسليمان إن رجلها تشبه حافر الدواب فأراد سليمان أن ينظر إلى رجليها فأمر بأن يوضع سريرها في الصرح المبني من القوارير يعني من الزجاج وجعل تحت الصرح الماء فيه السمك فجلس سليمان على سريره في الصرح ومقدميه ثم أمر بلقيس بأن تدخل الصرح { فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً } أي: فلما جاءت إلى الصرح رأت ما فيه من السمك حسبته لجة أي: ظنت أنه ماء كثير بين يدي سرير سليمان فأرادت أن تخوض في الماء فشمرت ثيابها { وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا } فنظر سليمان إلى ساقيها وكانت شعراً فاستشار سليمان الإنس في ذلك فأشاروا عليه بالموسى فقال سليمان: الموسى تخدش ساقيها فاستشار الجن فأشاروا عليه بالنورة فأصل النورة من ذلك الوقت وروي أن سليمان ما نظر إلى ساق أحسن من ساقيها ولا خلاف بين الروايتين لأنه يكون أحسن الساقين شعراوين وروي " عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت أنا أحسن ساقين أم بلقيس فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -

السابقالتالي
2