الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ طسۤ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ } * { هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُم بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ وَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } * { وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ } * { إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ }

قول الله سبحانه وتعالى: { طس تِلْكَ ءايَـٰتُ ٱلْقُرْءانِ } يعني: هذه الأحكام ويقال: تلك الآيات التي وعدتم بها وذلك أنهم وعدوا بالقرآن في كتبهم ويقال: يعني العلامات جميع الأحرف للقرآن { وَكِتَـٰبٍ مُّبِينٍ } كلاهما واحد وإنما كرر اللفظ للتأكيد مبين يعني: بين ما فيه من أمره ونهيه ويقال مبين للأحكام الحلال والحرام ثم قال { هُدًى } يعني: القرآن هدى وبياناً من الضلالة لمن عمل به ويقال هدى يعني: هادياً { وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } يعني ما فيه من الثواب للمؤمنين قرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو وورش عن نافع وبشرى بإمالة الراء وقرأ الباقون بالتفخيم وكلاهما جائز والإمالة أكثر في كلام العرب والتفخيم أفصح وهي لغة أهل الحجاز للمؤمنين يعني: للمصدقين بالقرآن أنه من الله تعالى ثم نعتهم فقال: { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ } يعني: يقرون بها ويتمونها { وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـوٰةَ } يعني: يقرون بها ويعظمونها { وَهُم بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } يعني: يصدقون بأنها كائنة ثم قال { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } أي: لا يصدقون بالبعث بعد الموت { زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَـٰلَهُمْ } يعني: ضلالتهم عقوبة لهم ولما عملوا ومجازاة لكفرهم زينا لهم سوء أعمالهم { فَهُمْ يَعْمَهُونَ } يعني: يترددون فيها ويتحيرون في ضلالتهم قوله عز وجل: { أُوْلَـٰئِكَ } يعني: أهل هذه الصفة { ٱلَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ ٱلْعَذَابِ } يعني: شدة العذاب { وَهُمْ فِى ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } يعني: الخاسرون بحرمان النجاة والمنع من الحسنات ويقال هم أخسر من غيرهم وقال أهل اللغة: متى ذكر الأخسر مع الألف واللام فيجوز أن يراد به الأخسر من غيرهم وإن لم يذكر غيرهم وإن ذكر بغير ألف ولام فلا يجوز أن يقال هو أخسر إلا أن يبين أنه هو أخسر من فلان أو من غيره قوله عز وجل: { وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلْقُرْءانَ } يعني: كقوله:وَمَا يُلَقَّاهَا } [فصلت: 35] يعني: مما يؤتي بها ويقال: وما يؤتى وإنك لتلقى القرآن يعني: لتلقن القرآن وقال أهل اللغة: تلقى وتلقن بمعنى واحد إذا أُخِذَ وَقُبِلَ من غيره ويقال: وإنك لتلقى القرآن أي: يلقى إليك القرآن وحياً من الله عز وجل ثم قال: { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ } يعني: نزل عليك جبريل من عند حكيم عليم في أمره عليم بأعمال الخلق قوله عز وجل: { إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ } قال بعضهم: معناه إنه عليم بما ينزل عليك كعلمه بقول موسى عليه السلام ويقال: حكمت لك بالنبوة كما حكمت لموسى إذ قال لأهله: { إِنّى آنَسْتُ نَاراً } يعني: رأيت ناراً { سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ } يعني: خبر الطريق { أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ } يعني: بنارٍ ويقال: كل أبيض ذو نور فهو شهاب والقبس كل ما يقتبس من النار والقبس يعني المقبوس كما يقال: ضرب فلان يعني مضروبه قرأ عاصم وحمزة والكسائي شهاب قبس بالتنوين وقرأ الباقون بغير تنوين فمن قرأ منوناً جعل القبس نعت الشهاب ومن قرأ بشهاب غير منون أضاف الشهاب إلى القبس ثم قال: { لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } يعني: تستدفئون من البرد.