الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ طسۤمۤ } * { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } * { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } * { وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ } * { فَقَدْ كَذَّبُواْ فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }

قول الله سبحانه وتعالى { طسم } قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر بإمالة الطاء وقرأ أبو عمرو وابن كثير بالتفخيم وهما لغتان معروفتان عند العرب ويجوز كلاهما وقرأ نافع بين ذلك وقرأ حمزة بإظهار النون والباقون بالإدغام لتقارب مخرجهما ومن لم يدغم أراد التبيين وكلاهما جائز وأما التفسير فروى معمر عن قتادة أنه قال: إسم من أسماء القرآن ويقال والطاء طوْله والسين سَنَاؤُهُ والميم ملكه ومجده ويقال: الطاء شجرة طوبى والسين سدرة المنتهى والميم محمد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وقال بعضهم عجزت العلماء عن تفسيرها وقال بعضهم هو قسم قسم الله تعالى به { تِلْكَ ءايَـٰتُ ٱلْكِتَـٰبِ } يعني: هذه آيات الكتاب ويقال: تلك آيات الكتاب التي كنت وعدت في التوراة أن أنزلها على محمد - صلى الله عليه وسلم - الكتاب { ٱلْمُبِينُ } يعني: القرآن بين لكم الحق من الباطل { لَعَلَّكَ بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ } يعني: مهلك نفسك ويقال: قاتل نفسك بالحزن { أَن لا يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } يعني: إذا لم يصدقوا بالقرآن وذلك حين كذبه أهل مكة شق ذلك عليه وحزن بذلك فقال له: ليس عليك سوى التبليغ ولا تقتل نفسك إن لم يؤمنوا ثم قال عز وجل: { إِن نَّشَأْ نُنَزّلْ عَلَيْهِمْ مّنَ ٱلسَّمَاء ءايَةً } يعني: علامة { فَظَلَّتْ } يعني: فصارت { أَعْنَـٰقُهُمْ لَهَا خَـٰضِعِينَ } يعني: وننزل عليهم آية تضطرهم إلى أن يؤمنوا ولكنه لم يفعل لأنه لو فعل ذلك لذهبت المحنة فلم يستوجبوا الثواب إذا آمنوا بعد معاينة العذاب كمن آمن يوم القيامة لا ينفعه إيمانه لأنه قد ظهر له بالمعاينة ويقال فظلت أعناقهم يعني: ساداتهم وكبراؤهم والأعناق الكبراء فإن قيل: جمع الأعناق مؤنث قال: خاضعين ولم يقل: خاضعات قيل له لأن الكلام انصرف إلى المعنى فكأنه قال: هم لها خاضعون قوله: { وَمَا يَأْتِيهِم مّن ذِكْرٍ مّنَ رَّبّهِمْ مُّحْدَثٍ } وقد ذكرناه { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ } يعني: مكذبين معرضين عن الإيمان به { فَقَدْ كَذَّبُواْ } يعني: كذبوا بالقرآن كما قال في آية أُخرىفَقَدْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ } [الأنعام:5] يعني: { فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ } يعني: أخبار { مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ } يعني: يوم القيامة ويقال: قد جاءهم بعض ذلك في الدنيا وهو القتل والقهر والغلبة.