الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً } * { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً }

قوله عز وجل: { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَىّ ٱلَّذِى لاَ يَمُوتُ } وذلك حين دعي إلى ملة آبائه فأمره الله تعالى بأن يتوكل على ربه قال الكريم { وَسَبّحْ بِحَمْدِهِ } قال مقاتل: واذكر بأمره وقال الكلبي: صل بأمره { وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً } يعني: عالماً معناه وكفى بالله عالماً بذنوب عباده وبمجازاتهم فلا أحد أعلم بذنوب عباده ومجازاتهم منه ثم قال عز وجل: { ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } وقد ذكرناه وتم الكلام ثم قال: { ٱلرَّحْمَـٰنُ } يعني: استوى الرحمن على العرش قال: ويجوز أن يكون على معنى الابتداء ثم قال: { فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً } يعني: فاسأل (عنه عالماً ويقال معناه ما أخبرتك به من شيء فهو كما أخبرتك فاسأل) بذلك عالماً حتى يبين لك ذلك كقوله:فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ } [يونس: 94] الآية خاطب به النبي - صلى الله عليه وسلم - وأراد به أمته قوله عز وجل: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ } يعني: صلوا للرحمن ويقال: اخضعوا له ووحدوه { قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ } يعني: ما نعرف الرحمن إلا مسيلمة الكذاب قالوا: { أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا } لذلك الكذاب قرأ حمزة والكسائي بالياء على معنى المغايبة وقرأ الباقون على المخاطبة { وَزَادَهُمْ نُفُوراً } يعني: زادهم ذكر الرحمن تباعداً عن الإيمان فمن قرأ بالياء فمعناه لما يأمرنا الرحمن بالسجود ويقال لما يأمرنا محمد يعني لا نسجد لما يأمرنا كقوله:فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ } [النساء: 3] يعني: من طاب لكم ومن قرأ بالتاء أراد به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أبو عبيد: هذا هو الوجه لأن المشركين خاطبوه بذلك وكانوا غير مقرين بالرحمن.