الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً } * { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلْمَآءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً } * { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ وَكَانَ ٱلْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيراً } * { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً } * { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً }

قوله عز وجل: { وَهُوَ ٱلَّذِى مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ } يعني: أرسل ويقال حلى البحرين ويقال: فلق البحرين ويقال خلق البحرين العذب والمالح { هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ } يعني: حلواً { وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ } يعني: مر مالح { وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً } أي: حاجزاً { وَحِجْراً مَّحْجُوراً } أي: حرم على العذب أن يملح وحرم على المالح أن يعذب وحرم على كل واحد منهما أن يختلط بصاحبه وأن يغير كل واحد منهما طعم صاحبه قوله عز وجل: { وَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ مِنَ ٱلْمَاء بَشَراً } أي: من النطفة إنساناً { فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً } فالنسب ما لا يحل لك نكاحُه من القرابة والصهر ما يحل لك نكاحه من القرابة وغير القرابة وهذا قول الكلبي وقال الضحاك: النسب القرابة والصهر الرضاع ويحرم من الصهر ما يحرم من النسب ويقال النسب الذي يحرم بالقرابة والصهر الذي يحرم بالنسب وهو ما ذكر في قوله تعالى:حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَـٰتُكُمْ وَبَنَـٰتُكُمْ وَأَخَوَٰتُكُمْ وَعَمَّـٰتُكُمْ وَخَـٰلَـٰتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلأَخِ وَبَنَاتُ ٱلأُخْتِ } [النساء: 23] فهذه السبع تحرم بالقرابة والسبع التي تحرم بالنسب فهو ما ذكر بعده وهو قوله تعالى:وَأُمَّهَـٰتُكُمُ الْلاَّتِى أَرْضَعْنَكُمْ } [النساء: 23] إِلى آخر الآية وامرأة الأب ثم قال تعالى: { وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً } فيما أحل النكاح وفيما حرم يقال: قديراً على ما أراد قوله عز وجل: { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } يعني: الأصنام { مَا لاَ يَنفَعُهُمْ } إن عبدوهم { وَلاَ يَضُرُّهُمْ } إن لم يعبدوهم { وَكَانَ ٱلْكَـٰفِرُ عَلَىٰ رَبّهِ ظَهِيراً } أي: عوناً للشياطين على ربه قال بعضهم: نزلت في شأن أبي جهل بن هشام ويقال في شأن جميع الكفار ثم قال: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشّرًا وَنَذِيرًا } يعني: ما أرسلناك يا محمد إلا مبشراً بالجنة لمن أطاع الله ونذيراً بالنار لمن عصاه { قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ } يعني: قل لكفار مكة ما أسألكم يعني: على القرآن والإيمان { مِنْ أَجْرٍ } يعني: من جُعل { إِلاَّ مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبّهِ سَبِيلاً } يعني: إلا من شاء أن يوحده ويتخذ إلى ربه بذلك التوحيد سبيلاً يعني: مرجعاً ويقال: يعمل فيتخذ عند ربه مرجعاً صالحاً فيدخل به الجنة يعني: لا أريد الأجر ولكن أريد لكم هذا الذي ذكر وقصدي هذا لا أَنْ آخُذ منكم شيئاً.