الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ } * { وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُوۤاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ } * { أَفِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَمِ ٱرْتَابُوۤاْ أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } * { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

قوله عز وجل: { وَيِقُولُونَ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ } قال مقاتل: نزلت في شأن بشر المنافق وذلك أن رجلاً من اليهود كانت بينه وبين خصومة وأن اليهودي دعا بشراً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال بشر نتحاكم إلى كعب بن الأشرق فإن محمداً يعيف علينا فنزل: { وَإِذَا دُعُواْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } وقال في رواية أخرى: كان عثمان بن عفان رضي الله عنه اشترى أرضاً من علي فندمه قومه وقالوا عمدت إلى أرض سبخة لا ينالها الماء فاشتريتها ردها عليه فقال قد اتبعتها منه فقالوا ردها فلم يزالوا به حتى أتاه فقال اقبض مني أرضك فإني قد اشتريتها ولم أرضها لأنه لا ينالها الماء فقال له علي رضي الله عنه: بل اشتريتها ورضيتها وقبضتها مني وأنت تعرفها وتعلم ما هي فلا أقبلها منك قال: فدعا علي عثمان رضي الله عنهما أن يخاصمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال قوم عثمان لا تخاصمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن أنت خاصمته إليه قَضي له عليك وهو ابن عمه وأكرم عليه منك ثم أختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقضي لعلي على عثمان فنزل في قوم عثمان وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ { وَأَطَعْنَا } يعني: صدقنا بالله وبالرسول وأطعنا { ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مّنْهُمْ } أي: يعرض عن طاعتهما طائفة منهم { مِن بَعْدِ ذٰلِكَ } الإقرار { وَمَا أُوْلَـئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ } يعني: بمصدقين قال بعضهم: هذا التفسير الذي ذكره الكلبي غير صحيح لأن قوم عثمان إن كانوا مؤمنين من الذين هاجروا معه إلى المدينة وقد ذكر أنهم ليسوا بمؤمنين وقال بعضهم: هو الصحيح لأن قوم عثمان بعضهم منافقون ميفضون لبني هاشم لعداوة كانت بينهم في الجاهلية وكان عثمان يميل إلى قرابته ولا يعرف نفاقهم ويقال وما أولـئك بالمؤمنين يعني: ليس عملهم عمل المؤمنين المخلصين ثم قال عز وجل: { وَإِذَا دُعُواْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } يعني: إلى حكم الله ورسوله ويقال إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - { لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ } يعني: ليقضي بينهم بالقرآن { إِذَا فَرِيقٌ مّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ } يعني طائفة منهم معرضون عن طاعة الله ورسوله قوله عز وجل { وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ } يعني: القضاء { يَأْتُواْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ } يعني: خاضعين مسرعين طائعين قال الزجاج: الإذعان الإسراع مع الطاعة ثم قال { أَفِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } أي: شك ونفاق { أَمِ ٱرْتَابُواْ } يعني: شكوا في القرآن { أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ } يعني: يجور الله عليهم ورسوله قال بعضهم: اللفظ لفظ الاستفهام والمراد به الإفهام فكأن الله تعالى يعلمنا بأن في قلوبهم مرض وأنهم شكوا ويقال: في قلوبهم مرض يعني: بل في قلوبهم مرض أم ارتابوا بل شكوا ونافقوا ثم قال تعالى: { بَلْ أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } يعني: هم الظالمون لا النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال عز وجل: { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } يعني: المصدقين { إِذَا دُعُواْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } يعني: إلى كتاب الله ورسوله يعني: أمر رسوله { لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ } يعني: ليقضي بينهم بالقرآن { أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } أي: سمعنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وأطعنا أمره فإن فعلوا ذلك { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } يعني: الناجون الفائزون.