الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَداً فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمْ ٱرْجِعُواْ فَٱرْجِعُواْ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } * { لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ }

قوله عز وجل: { يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ } يعني: بيوتاً ليست لكم حتى تستأنسوا يعني: حتى تستأذنوا وروي عن سعيد بن جبير أن عبد الله بن عباس كان يقرأ حتى تستأنسوا ويقال تستأذنوا خطأ من الكاتب وروي عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال أخطأ الكاتب في قوله حتى تستأنسوا، وقراءة العامة تستأنسوا وقال القتبي الاستئناس أن تعلم من في الدار يقال استأنست فما رأيت أحداً أي استعلمت وتعرفت ومنه قولهفَإِنْ ءَانَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداًً } [النساء: 6] أي علمتم وروي عن عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار قال جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إني أكون في بيتي على الحالة التي لا أحب أن يراني عليها أحد فيأتي الأب فيدخل فكيف أصنع قال ارجعي فنزلت هذه الآية { يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ } { حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ } قال مجاهد؛ وهو التنحنح { وَتُسَلّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ } يعني: التسليم والاستئذان خير لكم من أن تدخلوا بغير إذن وسلام { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } أن التسليم والاستئذان خير لكم قال عز وجل: { فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَا أَحَداً } يعني: في البيوت يأذن لكم في الدخول { فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ } في الدخول { وَإِن قِيلَ لَكُمْ ٱرْجِعُواْ فَٱرْجِعُواْ } ولا تقيموا على أبواب الناس فلعل لهم حوائج { هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ } يعني: الرجوع أصلح لكم من القيام والقعود على أبواب الناس { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } إذا دخلتم بإذن أو بغير إذن ثم رخص لهم في البيوت على طريق الناس مثل الرباطات والخانات وذلك أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله فكيف بالبيوت التي بين الشام ومكة والمدينة التي على ظهر الطريق ليس لها ساكن فنزل قوله عز وجل { لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ } مثل الخانات وبيوت السوق { فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ } يعني: منافع لكم ويقال في الخربات التي يدخل فيها لقضاء الحوائج فيها منفعة لكم ويقال في الخانات منفعة لكم من الحر والبرد { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ } من التسليم والاستئذان.