{ قَالَ رَبّ ٱنصُرْنِى } يعني: أعني عليهم بالعذاب { بِمَا كَذَّبُونِ } يعني: بتحقيق قولي في العذاب لأنه أنذر قومه بالعذاب فكذبوه قوله عز وجل: { فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا } أي: إعمل السفينة بأَعيننا يعني: بمنظر منا وبعلمنا ثم قال: { وَوَحْيِنَا } يعني: بوحينا إليك وأمرنا { فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا } يعني: عذابنا { وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ } يعني: بنبع الماء من أسفل التنور { فَٱسْلُكْ فِيهَا } يعني: فأدخل في السفينة { مِن كُلّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } يعني من كل حيوان صنفين ولونين ذكراً وأنثى { وَأَهْلَكَ } يعني: وأدخل فيها أهلك { إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ } يعني: إلا من وجب عليه العذاب وهو ابنه كنعان { وَلاَ تُخَـٰطِبْنِى فِى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } يعني ولا تراجعني بالدعاء في الذين كفرُوا وهو ابنه { إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } بالطوفان: قرأ عاصم في رواية حفص من كل زوجين بتنوين اللام وقرأ الباقون بغير تنوين ثم قال عز وجل: { فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى ٱلْفُلْكِ } يعني: ركِبت في السفينة { فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ } يعني: الشكر لله { ٱلَّذِى نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } المشركين قوله عز وجل { وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِى } يعني: إذا نزلت من السفينة إلى البر فقل رب أنزلني { مُنزَلاً مُّبَارَكاً } قرأ عاصم في رواية أبي بكر منزلاً بنصب الميم وكسر الزاي يعني موضع النزول وقرأ الباقون: منزلاً بضم الميم ونصب الزاي وهو اختيار أبي عبيدة وهو المصدر من أنزل ينزل فصار بمعنى أنزلني إنزالاً مباركاً { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ } من غيرك وقد قرأ في الشواذ وأنت خير المنزلين بنصب الزاي يعني أن الله تعالى قال لنوح عليه السلام قل هذا القول حتى تكون خير المنزلين ثم قال عز وجل: { إِنَّ فِى ذَلِكَ } يعني: في إهلاك قوم نوح { لأَيَاتٍ } يعني: لعبراً لمن بعدهم { وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ } يعني: وقد كنا لمختبرين بالغرق ويقال بالطاعة والمعصية وإن بمعنى قد كقوله{ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ } [إبراهيم: 46] يعني: وقد كان مكرهم قوله عز وجل: { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ } أي: خلقنا من بعدهم { قَرْناً آخَرِينَ } وهم قوم هود { فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مّنْهُمْ } يعني: نبيهم هوداً عليه السلام { أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } يعني: قال لهم هود احمدوا الله وأطيعوه { مَا لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } يعني: اتقوه، اللفظ لفظ الاستفهام والمراد به الأمر قوله عز وجل: { وَقَالَ ٱلْمَلاَ مِن قَوْمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَاء ٱلأَخِرَةِ } يعني: بالبعث بعد الموت { وَأَتْرَفْنَـٰهُمْ } يعني: أنعمنا عليهم ويقال وسعنا عليهم حتى أترفوا { في الحياة الدنيا ما هذا } يعني: قالوا ما هذا { إِلاَّ بَشَرٌ } يعني: آدمياً { مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ } يعني: كما تأكلون منه { وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ } يعني: كما تشربون { وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً } يعني: آدمياً { مّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَـٰسِرُونَ } أي: لمغبونون { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتٌّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً } أي: صرتم تراباً { وَعِظـٰماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } يعني: محبون.