الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فيِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } * { وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ }

ثم قال عز وجل: { وَإِنَّ لَكُمْ فِى ٱلأنْعَـٰمِ لَعِبْرَةً } يعني: في الإبل والبقر والغنم لمن يعتبر فيها يقال العير بأوقار والمعتبر بمثقال { نُّسْقِيكُمْ مّمَّا فِى بُطُونِهَا } يعني من ألبانها وهي تخرج من بين فرث ودم قرأ نافع وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر (نَسْقِيكُمْ) بنصب النون وقرأ الباقون بالضم وهذا مثل ما في سورة النحل ثم قال: { وَلَكُمْ فيِهَا مَنَـٰفِعُ كَثِيرَةٌ } يعني: في ظهورها وأصوافها وألبانها وأشعارها { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } يعني: من لبنها ولحومها وأولادها { وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } يعني: على الأنعام في المفازة وعلى السفينة في البحر تسافرون قوله عز وجل: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ } يعني: أرسلناه إلى قومه كما أرسلناك إلى قومك فإن قيل: إيش الحكمة في تكرار القصص قيل له لأن في كل قصة كررها ألفاظاً وفوائد ونكتاً ما ليس في الأخرى ونظمها سوى نظم الأخرى وقال الحسن للقصة ظهر وبطن فالظهر خبر يخبرهم والبطن عظة تعظهم ويقال: إنما كررها تأكيداً للحجة والعظة كما أنه كرر الدلائل ويكفي دليل واحد لمن يستدل به تفضلاً من الله تعالى ورحمة منه فقال تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ } { فَقَالَ يَـٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } يعني: أطيعوا الله عز وجل ووحدوه { مَا لَكُم مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } يعني: ليس لكم رب سواه { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } عبادة غير الله عز وجل فتوحدونه يعني: اتقوه ووحدوه قوله عز وجل: { فَقَالَ ٱلْمَلأ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني الأشراف الذين كفروا { مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ } يعني: خلقاً آدمياً مثلكم { يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ } بالرسالة (ويقال يريد أن يتفضل عليكم يعني: يريد أن يجعل لنفسه فضلاً عليكم بالرسالة) { وَلَوْ شَاء ٱللَّهُ لأَنزَلَ مَلَـٰئِكَةً } أي: لو شاء أن يرسل إلينا رسولاً لأنزل ملائكة { مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا } يعني: مما يدعونا إليه نوح من التوحيد { فِي آبائِنا الأَوَّلين إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ } يعني: الجنون { فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ } يعني: انتظروا به حتى يتبين لكم أمره وصدقه من كذبه ويقال: حتى حين أي حتى يموت فتنجوا منه فلما أبوا على نوح دعا عليهم.