الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ } * { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ ٱلْعَآدِّينَ } * { قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } * { فَتَعَالَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ } * { وَمَن يَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ } * { وَقُل رَّبِّ ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ وَأنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ }

قوله عز وجل: { قَـٰلَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِى ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ } يعني: في القبر ويقال في الدنيا ويروى عن ابن عباس في بعض الروايات أنه قال لا أدري في الأرض أم في القبر وقال مقاتل: كَمْ لَبِثْتُمْ فِيْ القبر عدد سنين { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ ٱلْعَادّينَ } قال الأعمش: يعني الحافظين وقال مقاتل: يعني ملك الموت وأعوانه وقال قتادة: يعني فاسأل الحساب وقال مجاهد: يعني الملائكة عليهم السلام وهكذا قال السدي: { قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ } في القبر أو في الدنيا { إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } يعني: لو كنتم تصدقون أنبيائي عليهم السلام في الدنيا لعرفتم أنكم ما مكثتم في القبور إلا قليلاً قرأ حمزة والكسائي وابن كثير قل كم لبثتم على معنى الأمر وكذلك قوله قل إن لبثتم وقرأ الباقون (قال) بالألف وقرأ حمزة والكسائي (فاسال العادين بغير همز وقرأ الباقون فاسأَل بالهمزة ثم قال: { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَـٰكُمْ عَبَثاً } أي: لعباً وباطلاً لغير شيء يعني: أظننتم أنكم لا تعذبون بما فعلتم { وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } بعد الموت قرأ حمزة والكسائي لا ترجعون بنصب التاء وكسر الجيم وقرأ الباقون بضم التاء ونصب الجيم وكذلك التي في القصص قالوا: لأنها من مرجع الآخرة وما كان من مرجع الدنيا فقد اتفقوا في فتحه مثل قوله:وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } [يس: 50] قال أبو عبيد: وبالفتح نقرأ لأنهم اتفقوا في قوله تعالى:أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } [الأنبياء: 95] وقال إنهم لاَ يرجعونوَقَالَ إِنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَٰجِعُونَ } [المؤمنون: 60] كقولهإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَٰجِعونَ } [البقرة: 156] فأضاف الفعل إليهم ثم قال عز وجل: { فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ } يقول ارتفع وتعظم من أن يكون خلق شيئاً عبثاً وإنما خلق لأمر كائن ثم وحد نفسه فقال: { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ } يعني: السرير الحسن قوله عز وجل { وَمَن يَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـهَا ءاخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ } يقول لا حجة له بالكفر ولا عذر يوم القيامة { فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبّهِ } في الآخرة يعني عذابه { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَـٰفِرُونَ } يعني: لا يأمن الكافرون من عذابه ويقال: معناه جزاء كل كافر أنه لا يفلح الكافرون في الآخرة عند ربهم قوله عز وجل: { وَقُل رَّبّ ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ } يعني: تجاوز عني { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرحِمِينَ } يعني: من الأبوين وهذا قول الحسن ويقال من غيرك ويقال: إنما حسابه عند ربه فيجازيه كما قال:ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ } [الغاشية: 26] وقل رب اغفر وارحم فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يستغفر للمؤمنين ويسأل لهم المغفرة ويقال: أمره بأن يستغفر لنفسه ليعلم غيره أنه محتاج إلى الاستغفار كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " إني أستغفر الله ربي وأتوب إلى الله في كل يوم سبعين مرة أو قال مائة مرة " والله سبحانه وتعالى أَعلم.