الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَٰتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكُمُ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ }

ثم قال عز وجل: { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُنَا بَيّنَاتٍ } يعني يعرض عليهم القرآن { تَعْرِفُ فِى وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ } يعني الغم والحزن والكراهية { يَكَـٰدُونَ يَسْطُونَ } أي: هموا لو قدروا يضربون ويبطشون أشد البطش { بِٱلَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُنَا } يعني يقرأون عليهم القرآن وقال القتبي: يسطون أي يتناولونهم بالمكروه من الضرب والشتم ويقال يسطون يعني يفرطون عليهم والسطوة العقوبة { قُلْ أَفَأُنَبّئُكُم بِشَرّ مّن ذٰلِكُمُ ٱلنَّارُ } يعني بأشد وأسوأ من ضربكم وبطشكم ويقال إنهم كانوا يعيرون أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ببذاذة حالهم ورثاثتها قال الله تعالى: قل لهم يا محمد أفأنبئكم بشر من ذلك يعني مما قلتم للمؤمنين قالوا ما هي قال النَّارُ { وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني: للكافرين قوله: { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } صاروا إليه قوله عز وجل: { يأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ } يعني: بين ووصف شبه به لآلهتكم أي: أجيبوا عنه وقال بعضهم ليس ها هنا مثل وإنما أراد به قطع الشغب لأنهم كانوا يقولونلاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْءَانِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ } [فصلت: 26] فقال: يا أيها الناس ضرب مثل فاصغوا إليه استماعاً للمثل فأوقع في أسماعهم عيب آلهتهم فقال: { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } ويقال مثلكم مثل من عبد آلهة { لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً } أي: لن يقدروا على خلق الذباب ويقال المثل في الآية لا غير وهو قوله: إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً أي: لن يقدروا ان يخلقوا ذباباً من الذباب في المثل { وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ } أي: على تخليقه ثم ذكر من أمرها ما هو أضعف من خلق الذباب فقال: { وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً } وذلك أنَّهم كانوا يلطخون العسل على فم الأصنام فيجيء الذباب فيسلب منها ما لطخوا عليها { لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ } أي: لا يقدرون أن يستنقذوا من الذباب ما أخذ منهم { ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ } يعني: الذباب والصنم ويقال ضعف العابد والمعبود.