الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَتُصْبِحُ ٱلأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } * { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلأَرْضِ وَٱلْفُلْكَ تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } * { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ ٱلإِنْسَانَ لَكَفُورٌ } * { لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي ٱلأَمْرِ وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ } * { وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ } * { ٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } * { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّ ذٰلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ }

ثم قال عز وجل: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء } يعني: المطر { فَتُصْبِحُ ٱلأَرْضُ مُخْضَرَّةً } يعني: تصير الأرض مخضرة بالنبات ويقال ذات خضرة { إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ } باستخراج النبات { خَبِيرٌ } أي عليم به وبمكانه ثم قال عز وجل { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } من الخلق { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْغَنِىُّ } عن الخلق وعن عبادتهم { ٱلْحَمِيدُ } يعني: المحمود في أفعاله. قوله عز وجل { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم } يعني: ذلل لكم { مَّا فِى ٱلأَرْضِ وَٱلْفُلْكَ تَجْرِى } يعني: تسير { فِى ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ } يعني: بإذنه. وروي عن عبد الرحمن الأعرج أنه قرأ الفلك بضم الكاف على معنى الابتداء وقراءة العامة بالنصب لوقوع التسخير عليها يعني: سخر لكم الفلك ويقال: صار نسباً بمنطلق على أن تعني أن الفلك تجري ثم قال { وَيُمْسِكُ ٱلسَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ } يعني: لكيلا تقع على الأرض ويقال كراهية أن تقع على الأرض. { إِلاَّ بِإِذْنِهِ } يعني بأمره يوم القيامة { إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } يعني رحيم مع شركهم ومعصيتهم حيث يرزقهم في الدنيا ولم يعاقبهم في العاجل ثم قال عز وجل { وَهُوَ ٱلَّذِى أَحْيَاكُمْ } يعني خلقكم ولم تكونوا شيئاً { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } في الدنيا { ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } للبعث { إِنَّ ٱلإِنْسَـٰنَ لَكَفُورٌ } أي كفور لنعمه لا يشكره ولا يطيعه قوله عز وجل { لِكُلّ أُمَّةٍ } يعني: لكل قوم { جَعَلْنَا مَنسَكًا } يعني مذبحاً { هُمْ نَاسِكُوهُ } يعني ذابحوه وفي منسك من الاختلاف ما سبق { فَلاَ يُنَـٰزِعُنَّكَ فِى ٱلأَمْرِ } لا يخالفنك في أمر الذبيحة نزلت في قوم من خزاعة قالوا ما ذبح الله فهو أحل مما ذبحتم وقال الزجاج: المعنى فيه أي فلا يجادلنك ولا تجادلهم والدليل عليه وإن جادلوك ويقال فلا ينازعنك في الأمر يعني لا يغلبونك في المنازعة { وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبّكَ } يعني أدع الخلق إلى معرفة ربك وإلى توحيد ربك { إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ } يعني: على دين مستقيم قوله عز وجل { وَإِن جَـٰدَلُوكَ } يعني إن حاججوك في أمر الذبيحة والتوحيد { فَقُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ } يعني عالماً بأعمالكم فيجازيكم وذلك قوله { ٱللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } يقضي بينكم { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } من الدين والذبيحة قال عز وجل { أَلَمْ تَعْلَمْ } يا محمد { أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّ ذٰلِكَ فِى كِتَـٰبٍ } يعني إن ذلك العلم مكتوب في اللوح المحفوظ { إِنَّ ذٰلِكَ } في كتاب يعني إن كتابته { عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } يعني هين حال حفظه على الله أي: كتابته على الله يسير ثم قال عز وجل { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سُلْطَـٰناً } يعني عذر ولا حجة قرأ أبو عمرو في إحدى الروايتين ما لم ينزل بالتخفيف والباقون بالتشديد { وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ } يعني ليس لهم بذلك حجة من المعقول { وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } أي مانع يمنعهم من العذاب.