الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَآ إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } * { كَذٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً } * { مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وِزْراً } * { خَالِدِينَ فِيهِ وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ حِمْلاً } * { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً } * { يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً } * { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً } * { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً } * { فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً } * { لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلاۤ أَمْتاً } * { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً }

{ إِنَّمَا إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } يعني: أن العجل ليس بإلهكم وإنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو { وَسِعَ كُلَّ شَىْء عِلْماً } يعني: أحاط علمه بكل شيء وهو عالم بما كان وما يكون قال الله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم - { كَذٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاء مَا قَدْ سَبَقَ } يعني أخبار ما مضى { وَقَدْ اتَيْنَـٰكَ } يعني أعطيناك { مِن لَّدُنَّا ذِكْراً } يعني أكرمناك من عندنا بالقرآن { مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ } يعني من يكفر بالقرآن { فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وِزْراً } يعني: حملاً من الذنوب { خَـٰلِدِينَ فِيهِ } يعني: دائمين في عقوبة الوزر { وَسَاء لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ حِمْلاً } يعني: بئس الحمل الوزر وبئس ما يحملون من الذنوب قوله عز وجل { يَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّوَرِ } يعني: في يوم ينفخ في الصور وهو يوم القيامة قرأ أبو عمرو ويوم ننفخ في الصور بالنون واحتج بقوله ونحشر المجرمين والباقون بالياء قال أبو عبيدة وبهذا نقرأ لأن النافخ ملك قد التقم الصور وأما الحشر فالله تعالى يحشرهم قال أبو عبيد: معناه ينفخ الأرواح في الصور وخالفه غيره ثم قال و { نَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ } أي: المشركين { يَوْمِئِذٍ زُرْقاً } يعني: عطاشاً ويقال عمياً ويقال زرق الأعين وروي عن سعيد بن جبير أن رجلاً قال لابن عباس إن الله يقول في موضع { وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً }وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا } [الإسراء: 97] فقال ابن عباس: إن يوم القيامة له حالات في حال زرقاً وفي حال عمياً وقال القتبي زرقاً أي تبيض عيونهم من العمى أي ذهب السواد والناظر وقال الزجاج: يقال عطاشاً لأن من شدة العطش يتغير سواد الأعين حتى تزرق ثم قال: { يَتَخَـٰفَتُونَ بَيْنَهُمْ } يعني: يتشاورون فيما بينهم { إِن لَّبِثْتُمْ } يعني: ما مكثتم في القبور بعد الموت { إِلاَّ عَشْراً } يعني: عشرة أيام ويقال عشر ساعات يقول الله عز وجل { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً } يعني: أوفاهم عقلاً ويقال أعدلهم رأياً عند أنفسهم { إِن لَّبِثْتُمْ } يعني: ما مكثتم في القبور { إِلاَّ يَوْماً وَيَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلْجِبَالِ } وذلك أن بني ثقيف من أهل مكة قالوا يا رسول الله كيف تكون الجبال يوم القيامة فنزل { وَيَسْـئَلُونَكَ } يعني: عن أمر الجبال { فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّى نَسْفاً } يعني: يقلعها ربي قلعاً من أَمكِنَتِها والنسف التذرية أي: تصيير الجبال كالهباء المنثور { فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً } قال القتبي: القاع واحدة القيعة وهي الأرض التي يعلوها السراب كالماء والصفصف المستوي وقال السدي القاع الأملس والصفصف المستوي { لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً } يعني: لا ترى فيها صعوداً ولا هبوطاً ويقال لا ترى فيها أودية ولا أمتاً يعني شخوصاً والأمت في كلام العرب ما نشز من الأرض ثم قال عز وجل { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِىَ } أي: يقصدون نحو الداعي { لاَ عِوَجَ لَهُ } ومعناه لا يميلون يميناً ولا شمالاً { وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ } يعني: خضعت وذلت وسكنت الكلمات للرحمن يعني: لهيبة الرحمن { فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } يعني: كلاماً خفياً ويقال صوت الأقدام كهمس الإبل.