الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ } * { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ }

{ فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } يعني على ما يقول أهل مكة من تكذيبهم إياك { وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ } يعني صل لربك وبحمد ربك وبأمره قبل طلوع الشمس يعني: صلاة الفجر وقبل غروبها يعني: صلاة العصر ويقال صلاة الظهر والعصر وروى جرير عن عبد الله البجلي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته يعني: لا تزدحمون مأخوذ من الضم أي لا ينضم بعضكم إلى بعض في رؤيته بظهوره كما في رواية الهلال ويروى لا تضامون بالتخفيف وهو الضم أي الظلم: أي: لا يظلم بعضكم في رؤيته بأن يراه البعض دون البعض فإن استطعتم أن لا تغلبوا عن الصلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا " ثم قرأ هذه الآية { فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ { قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا } على معنى التأكيد للتكرار { وَمِنْ ءانَاء ٱلَّيْلِ } يعني: ساعات الليل { فَسَبّحْ } يعني صلاة المغرب والعشاء { وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ } يعني: غدوة وعشية { لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ } يعني: لعلك تعطى من الشفاعة حتى ترضى قرأ الكسائي وعاصم في رواية أبي بكر " تُرْضَى " بضم التاء على فعل ما لم يسم فاعله والباقون بالنصب يعني: ترضى أنت وقال أبو عبيدة وبالقراءة الأولى نقرأ بالضم لأن فيها معنيين أحدهما ترضى أي تعطى الرضا والأُخرى ترضى أن يرضاك الله وتصديقه قوله تعالىوَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً } [مريم: 55] وليس في الأُخرى وهي القراءة بالنصب إلا وجه واحد ثم قال عز وجل: { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوٰجاً مّنْهُمْ } يعني لا تنظر بالرغبة إلى ما أعطينا رجالاً منهم من الأموال والأولاد { زَهْرَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } يعني: فإن زينة الدنيا { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } يعني: لنبتليهم بالمال وقلة الشكر { وَرِزْقُ رَبّكَ } أي: جنة ربك { خَيْرٌ } من هذه الزينة التي في الدنيا { وَأَبْقَىٰ } أي: وأدوم قال الفقيه أبو الليث رحمه الله حدثنا محمد بن الفضل قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف قال: حدثنا وكيع عن موسى بن عبيدة عن يزيد بن عبد الله عن أبي رافع قال: - نزل بالنبي صلى الله عليه وسلم - ضيف فبعثني إلى يهودي أن يبيعنا أو يسلفنا إلى أجل فقال اليهودي لا والله إلاَّ بِرَهْنٍ فرجعت إليه فأخبرته فقال: " لو باعني أو أسلفني لقضيته وإني لأمين في السماء وأمين في الأرض اذهب بدرعي الحديدي " فذهبت بها فنزل من بعدي هذه الآية تعزية عن الدنيا { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوٰجاً مّنْهُمْ } إلى آخر الآية.