الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ }

قوله تعالى: { يُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ } وأصل الخداع في اللغة هو الستر. يقال للبيت الذي يخزن فيه المال: مخدع، والعرب تقول: [انخدعت] الضب في جحرها. فكان المنافقون يظهرون الإيمان ويسترون نفاقهم وكفرهم فقال: { يُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءامَنُوا } أي يكذبون ويخالفون الله والذين آمنوا [ويقال يظنون أنهم يخادعون الله والذين آمنوا] لأنه قد بين في سياق الآية حيث قال تعالى { وَمَا يَخْدَعُونَ إلاَّ أَنفُسَهُمْ } روي عن الأخفش أنه قال: اجترأوا على الله حتى ظنوا أنهم يخادعون الله. [وقال بكر بن جريج يظهرون لا إله إلا الله يريدون أن يحرزوا بذلك دماءهم وأموالهم وأنفسهم] ويقال: يظهرون غير ما في أنفسهم. وهذا موافق لما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: علامة المنافق ثلاث: إذا وعد أخلف وإذا أوتمن خان، وإذا حدث كذب. وقوله: { وَمَا يَخْدَعُونَ إلاَّ أَنفُسَهُمْ } قرأ أهل الكوفة عاصم وحمزة الكسائي { وَمَا يَخْدَعُونَ } بغير ألف، وقرأ الباقون بالألف " وما يخادعون " وتفسير القراءتين واحد يعني: وبال الخداع يرجع إليهم ويضر بأنفسهم. قوله: { وَمَا يَشْعُرُونَ }. قال الكلبي: يعني وما يعلمون أن الله يطلع نبيه على كذبهم. وقال بعضهم: معناه وما يشعرون أن وبال الخداع يرجع إليهم.