الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوۤاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } * { وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ }

قوله عز وجل: { وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } يعني المنافقين منهم { قَالُواْ } للمؤمنين { آمَنَّا } أي أقررنا بالذي أقررتم به. وهم منافقوا أهل الكتاب { وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ } يعني إذا رجعوا إلى رؤسائهم { قَالُواْ } لبعضهم { أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } أي أتخبرونهم بأن ذكر محمد - صلى الله عليه وسلم - في كتابكم فيكون ذلك حجة عليكم { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أن ذلك حجة لهم عليكم؟ { لِيُحَاجُّوكُم بِهِ } أي ليخاصموكم { عِندَ رَبّكُمْ } باعترافكم أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - نبي لا تتبعوه { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أي أفليس لكم ذهن الإنسانية لا ينبغي لكم هذا فيما بينكم. { أَوَ لاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } قال بعضهم: ما يسرون فيما بينهم وما يعلنون مع أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - قوله تعالى: { وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَـٰبَ } أي من أهل الكتاب وهم السفلة أميون لا يقرأون الكتاب: لا يحسنون قراءة الكتاب ولا كتابته، وقال الزجاج: الأمي المنسوب إلى ما عليه جبلة الأمة يعني هو على الخلقة التي خلق عليها لأن الإنسان في الأصل لا يعلم شيئاً ما لم يتعلم { إِلاَّ أَمَانِىَّ } قال بعضهم: إِلا التلاوة، وهذا كما قال في آية أخرىإِلاَّ إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى ٱلشَّيْطَـٰنُ فِىۤ أُمْنِيَّتِهِ } [الحج:52]، أي في تلاوته، يقول: إن السفلة منهم كانوا لا يعرفون من التوراة شيئاً سوى تلاوته. وقال بعضهم: إلا أماني: إلا أباطيل. وروي عن عثمان بن عفان أنه قال: منذ أسلمت ما تغنيت ولا تمنيت أي ما تكلمت بالباطل. وروي في الخبر أن الإنسان إذا ركب دابته ولم يذكر الله تعالى صكه الشيطان في قفاه ويقول له: تغن فإن لم يحسن الغناء يقول له: تمن أي تكلم بالباطل. { وَإِنْ هُمْ } أي وما هم. { إِلاَّ يَظُنُّونَ } لأنه قد ظهر لهم الكذب من رؤسائهم فكانوا يشكون في أحاديثهم وكانوا يظنون من غير يقين. وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " إياكم والظن فإنه من أكذب الحديث "