الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } إن ها هنا للتأكيد وهو حرف من حروف القسم. والكفر في اللغة: هو الستر، يقال: ليلة كافرة إذا كانت شديدة الظلمة، وإنما سمي الكافر كافراً، لأنه يستر نعم الله تعالى. وقوله عز وجل: { سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ } قرأ أهل الكوفة وعاصم وحمزة والكسائي أأنذرتهم بهمزتين وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو في رواية هشام بهمزة واحدة مع المد (آنذرتهم) وتفسير القراءتين لا يختلف. قال مقاتل: نزلت هذه الآية في مشركي قريش، منهم عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو جهل وغيرهم. وقال الكلبي: نزلت في رؤساء اليهود منهم: كعب بن الأشرف، وحيي بن أخطب، وأبو ياسر بن أخطب. قال الكلبي: وليس هو بأخي حيي. وقال بعضهم هو أخو حيي، دخلوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث سألوه عن { الم } و { المص } ثم خرجوا من عنده فنزل قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي جحدوا بالقرآن سواء عليهم أأنذرتهم { أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ } يعني خوفتهم أو لم تخوفهم { لاَ يُؤْمِنُونَ } أي لا يصدقون. فإن قيل: إذا علم أنهم لا يؤمنون، فما معنى دعوتهم إلى الإسلام؟ قيل له: لأن في الدعوة زيادة الحجة عليهم، كما أن الله تعالى بعث موسى إلى فرعون ليدعوه إلى الإسلام وعلم أنه لا يؤمن. وجواب آخر: إن الآية خاصة، وليست بعامة، وإنما أراد به بعض الكفار الذين ثبتوا على كفرهم، كما روي عن صفية بنت حيي بن أخطب قالت: رجع أبي وعمي من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهما لصاحبه: ما ترى في هذا الرجل؟ فقال: إنه نبي، فقال: ما رأيك في اتباعه؟ فقال: رأيي أن لا أتبعه، وأن أظهر له العداوة إلى الموت. فلم نزلت الآية في شأن مثل هؤلاء الذين قد ظهر لهم الحق وكانوا لا يؤمنون. فقال: { ءَأَنذَرْتَهُمْ }. وأصل الإنذار هو الإعلام، يعني خوفتهم بالنار، وأعلمتهم بالعذاب أو لم تعلمهم، فهو سواء ولا يصدقونه.