الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَٰعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَٱللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

قوله عز وجل: { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا } نزلت في شأن أبي الدحداح قال: يا رسول الله إن لي حديقتين لو تصدقت بواحدة منهما أيكون لي مثلها في الجنة؟ قال نعم قال وأم الدحداح معي؟ يعني امرأته قال نعم قال: والدحداح معي يعني ابنه فقال: نعم. قال: أشهدك أني قد جعلت حديقتي لله تعالى: ثم جاء إلى الحديقة فقام على الباب وتحرج الدخول فيها بعدما جعلها لله تعالى ونادى: يا أم الدحداح اخرجي فإني جعلت حديقتي لله تعالى فخرجت وتحولت إلى حديقة أخرى، وقالت له: هنيئاً لك بما فعلت أو كما فعلت فنزل قوله تعالى: { فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً } يعني ألفي ألف ضعف. قال الفقيه: حدثنا عبد الرحمن بن محمد قال: حدثنا فارس بن مردويه قال: حدثنا محمد بن الفضيل قال: حدثنا المعلى بن منصور قال: حدثنا جعفر قال حدثنا علي بن زيد عن أبي عثمان النهدي قال: بلغني عن أبي هريرة حديث أنه قال إن الله تعالى يكتب [للعبد] المؤمن بالحسنة الواحدة ألف ألف حسنة فحججت ذلك العام لألقى أبا هريرة (فأكلمه) في هذا الحديث فلقيته فأخبرته فقال: ليس كذا قلت ولم يحفظ الذي حدثك عني وإنما قلت: ألفي ألف حسنة ثم قال أبو هريرة: أولستم تجدون في كتاب الله تعالى: { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً } فقوله { كَثِيرَةٍ } أكثر من ألف ألف ومن ألفي ألف. ثم قال تعالى: { وَٱللَّهُ يَقْبِضُ } أي يقتر الرزق على من يشاء { وَيَبْصُطُ } أي يوسع على من يشاء من عباده. ويقال: يقبض الصدقات ويخلفها الثواب في الدنيا والآخرة وقال بعضهم يسلب قوماً ما أنعم عليهم ويوسع على آخرين. { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } في الآخرة قرأ حمزة والكسائي ونافع وأبو عمرو: (فيضاعفه) بالألف وبضم الفاء وقرأ عاصم (فيضاعفه) بالألف وبنصب الفاء وقرأ ابن كثير (فيضعفه) بغير ألف وبضم الفاء وقرأ ابن عامر: (فيضعفه) بغير ألف وبنصب الفاء فأما من قرأ: (فيضاعفه) [بالألف والضم]، (يضعفه) فهما لغتان بمعنى واحد يقال: ضاعفت الشيء وضعفته ومن قرأ بضم الفاء عطفه على قوله (يقرض الله) ومن نصبه فعلى جواب الاستفهام وقرأ نافع (يبصط) بالصاد وقرأ الباقون: بالسين وهو أظهر عند أهل اللغة وفي كل موضع يكون الصاد قريباً من الطاء جاز أن يقرأ بالسين وبالصاد مثل المصيطرون ومثل: الصراط لأنه يشتد فرق الصاد عند ذلك فيجوز القراءة بالسين.