الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

{ يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ } أي أطيعوا ربكم. ويقال: وحدوا ربكم. وهذه الآية عامة، وقد تكون كلمة يا أيها الناس خاصة لأهل مكة وقد تكون عامة لجميع الخلق فها هنا { يا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ } لجميع الخلق. يقول للكفار: وحدوا ربكم، ويقول للعصاة: أطيعوا ربكم، ويقول للمنافقين: أخلصوا بالتوحيد معرفة ربكم، ويقول للمطيعين: اثبتوا على طاعة ربكم. واللفظ يحتمل هذه الوجوه كلها، وهو من جوامع الكلم. واعلم أن النداء في القرآن على ست مراتب: نداء مدح، ونداء ذم، ونداء تنبيه، ونداء إضافة، ونداء نسبة، ونداء تسمية. فأما نداء المدح فمثل قوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيّ } { يا أيها ٱلرُّسُلَ } { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } ونداء الذم مثل قوله تعالى: { يا أيهاٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُواْ } ونداء التنبيه مثل قوله تعالى { يا أيهاٱلإِنسَـٰنَ } { يا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ } ونداء الإضافة مثل قوله تعالى { يا عِبَادِى } ونداء النسبة مثل قوله { يا بني آدم } { يا بَنِى إِسْرٰءيلَ } ونداء التسمية مثل قوله تعالى { يا دَاوُودُ } { يا إِبْرَاهِيمَ } فها هنا ذكر نداء التنبيه فقال: { يا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ } أخبر بالنداء أنه يريد أن يأمر أمراً أو ينهى عن شيء. ثم بين الأمر فقال: { ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ } يعني وحدوا وأطيعوا { ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ } معناه: أطيعوا ربكم الذي هو خالقكم، فخلقكم ولم تكونوا شيئاً { وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } يعني وخلق الذين من قبلكم { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } المعصية وتنجون من العقوبة.