قوله تعالى: { مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ } يعني يهود أهل المدينة ونصارى أهل نجران { وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ } يعني مشركي العرب { أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبّكُمْ } يعني أن ينزل على رسولكم من الوحي وشرائع الإسلام لأنهم كانوا كفاراً، فيحبون أن يكون الناس كلهم كفاراً مثلهم. وهذا كما قال في آية أخرى{ وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً } [النساء: 89]. فأخبر الله تعالى أن الأمر ليس على مرادهم حيث قال { وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ } أي يختار للنبوة من يشاء من كان أهلاً لذلك ويكرم بدينه الإسلام من يشاء { وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } أي ذو المن العظيم لمن اختصه بالنبوة والإسلام. وقال مقاتل: كان قوم من الأنصار يدعون حلفاءهم ومواليهم من اليهود إلى الإسلام. فقالوا للمسلمين: [إن الذين تدعوننا] إليه هو خير مما نحن فيه وعليه وددنا لو أنكم على هذا فنزل قوله { وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء } أي بدينه ـ الإسلام ـ من يشاء. ونظيرهما في سورة هل أتى{ يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِى رَحْمَتِهِ } [الشورى: 8]، أي في دين الإسلام.