الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَٰـقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }

فقالا: عذاب الدنيا يذهب وينقطع وعذاب الآخرة لا انقطاع له [ثم اختاروا] عذاب الدنيا. فهما يعذبان إلى يوم القيامة. وروي في الخبر أن المرأة تعلمت منهما اسم الله الأعظم فصعدت به إلى السماء فمسخها الله تعالى كوكباً. ويقال: هو الكوكب الذي يقال له الزهرة. وروي عن ابن عمر - أنه كان إذا نظر إلى الزهرة لعنها ويقول: هي التي فتنت هاروت وماروت. وروي عن علي رضي الله عنه هذا. وقال بعضهم: هذا لا يصح لأن هذا الكوكب قد كان خلقه في الأصل حين خلق النجوم وجعل مقادير الأشياء على سبع من الكواكب وجعل لكل كوكب سلطاناً وجعل سلطان الزهرة الرطوبة. وقال بعضهم: إن كوكب الزهرة قد كان، ولكن الله تعالى مسخ هذه المرأة على شبه الكوكب فهي تعذب هناك. وقال بعضهم: قد صارت إلى النار، كما أن سائر الأشياء التي مسخت لم يبق منها أثر فذلك قوله تعالى: { وَمَا أُنزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ } ، [يعني اليهود اتبعوا ما أنزل على الملكين] ببابل هاروت وماروت. { وَمَا يُعَلّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ } قال بعضهم: هذا الحرف أعني { مَا } للنفي فكأنه يقول: ولم ينزل على الملكين السحر. وقال بعضهم: إن إبليس لعنه الله قد جاء بالسحر ووضعه عند أقدامهما، وهما معلقان بالسلة فتذهب اليهود تتعلم السحر من تلك الكتب والملكين { يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ } أي فلا تتعلم السحر لأنه لا يجوز للملكين أن يعلما الكفر. وقال بعضهم: ويبينان أن عمل السحر كفر وينهيان عن التعلم ويبينان كيفية السحر وهو بمنزلة رجل قال لآخر: علمني ما الزنا أو علمني ما السرقة فيقول: إن الزنا كذا وكذا، وهو حرام فلا تفعل وإن السرقة كذا وكذا هي حرام فلا تفعل. كذلك ها هنا. الملكان يقولان: السحر كذا وكذا، وهو كفر فلا تكفر. وقرأ بعضم { وَمَا أُنزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ } بكسر اللام وهي قراءة شاذة، يعني كانا ملكين في بني إسرائيل فمسخهما الله تعالى. وقوله: { إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ } أي اختبار وابتلاء. وأصل الفتنة الاختبار قوله { فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا } أي من الملكين { مَا يُفَرّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْء وَزَوْجِهِ } أي فيتعلمون منهما من السحر ما يفرقون به بين الرجل وزوجته، يؤخذ الرجل عن المرأة حتى لا يقدر على الجماع. ثم قال تعالى: { وَمَا هُم بِضَارّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } أي بإرادة الله تعالى { وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ } [أي ما يضر في الدنيا ولا ينفعهم في الآخرة، يعني السحر] { وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَـٰقٍ } يعني اليهود علموا في التوراة أن من اختار السحر ما له في الآخرة من خلاق يعني نصيب.

PreviousNext
1 2 4