الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤـمۤ } * { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ }

قال الفقيه: حدثني أبي رحمه الله، قال: حدثني محمد بن حامد، قال: حدثنا علي بن إسحاق قال: حدثنا محمد بن مروان عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس في قوله تعالى: { الۤمۤ } يعني: أنا الله أعلم. [ومعنى قول ابن عباس (أنا الله أعلم) يعني] الألف: أنا، واللام: الله، والميم: أعلم، لأن القرآن نزل بلغة العرب، والعرب قد كانت تذكر حرفاً وتريد به تمام الكلمة. ألا ترى إلى قول القائل:
قلت لها قفي لنا قالت قاف   لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف
يعني بالقاف: قد وقفت. وقال الكلبي: هذا قسم، أقسم الله تعالى بالقرآن، أن هذا الكتاب الذي أنزل على (قلب) محمد صلى الله عليه وسلم هو الكتاب الذي نزل من عند الله تعالى لا ريب فيه. وقال بعض أهل اللغة إن هذا الذي قال الكلبي لا يصح، لأن جواب القسم معقود على حروف مثل: (ان، وقد، ولقد، وما، واللام) وهنا لم نجد حرفاً من هذه الحروف فلا يجوز أن يكون يمينا. ولكن الجواب أن يقال: موضع القسم قوله { لاَ رَيْبَ فِيهِ } فلو أن إنساناً حلف فقال: والله هذا الكتاب لا ريب فيه لكان الكلام سديداً وتكون لا جوابا للقسم، فثبت أن قول الكلبي صحيح سديد. فإن قيل: ايش الحكمة في القسم من الله تعالى، وكان القوم في ذلك الزمان على صنفين، مصدق ومكذب، فالمصدق يصدق بغير قسم، والمكذب لا يصدق مع القسم. قيل له القرآن نزل بلغة العرب، والعرب إذا أراد بعضهم أن يؤكد كلامه أقسم على كلامه فالله تعالى أراد أن يؤكد عليهم الحجة فأقسم أن القرآن من عنده. وقد قيل { الۤمۤ }: الألف الله تعالى، واللام: جبريل، والميم: محمد - صلى الله عليه وسلم - ويكون معناه: الله الذي أنزل جبريل على محمد بهذا القرآن لا ريب فيه. وقال بعضهم: كل حرف هو افتتاح اسم من أسماء الله تعالى. فالألف مفتاح اسمه: الله، واللام مفتاح اسمه: اللطيف، والميم مفتاح اسمه: مجيد، ويكون معناه: الله اللطيف المجيد أنزل الكتاب. وروي عن محمد بن كعب بن علي الترمذي أنه قال: إن الله تعالى أودع جميع ما في تلك السورة من الأحكام والقصص في الحروف التي ذكرها في أول السورة، ولا يعرف ذلك إلا نبي أو ولي، ثم بين ذلك في جميع السور ليفقه الناس. وروي عن الشعبي أنه قال: إن لله تعالى سراً جعله في كتبه، وإن سره في القرآن هو الحروف المقطعة وروي عن عمر وعثمان وابن مسعود رضي الله عنهم أنهم قالوا: الحروف المقطعة من المكتوم الذي لا يفسر وعن علي رضي الله عنه: هو اسم من أسماء الله تعالى، فرقت حروفه في السور.

السابقالتالي
2 3