الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ ٱلأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } * { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً } * { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يٰأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً } * { يٰأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَآءَنِي مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَٱتَّبِعْنِيۤ أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً } * { يٰأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ ٱلشَّيْطَانَ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ عَصِيّاً } * { يٰأَبَتِ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً } * { قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يٰإِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَٱهْجُرْنِي مَلِيّاً } * { قَالَ سَلاَمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً }

ثم قال: { إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ ٱلأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا } يعني نميت أهل الأرض كلهم ومن عليها { وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } في الآخرة { وَٱذْكُرْ فِى ٱلْكِتَـٰبِ إِبْرٰهِيمَ } يعني خبر إبراهيم { إِنَّهُ كَانَ صِدّيقاً نَّبِيّاً } يعني صادقاً وقال الزجاج: الصديق اسم للمبالغة في الصدق يقال كل من صدق بتوحيد الله عز وجل وأنبيائه عليهم السلام وفرائضه وعمل بما صدق فيه فهو صديق ومن ذلك سمي أبو بكر الصديق { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ } وهو آزر بن تارخ بن تاخور وكان يعبد الأصنام { يٰأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ } دعاءك { وَلاَ يَبْصِرُ } عبادتك { وَلاَ يُغْنِى عَنكَ } من عذاب الله عز وجل { شَيْئاً } قرأ ابن عامر يا أبت بالنصب والباقون بالكسر وكذلك ما بعده والعرب تقول في النداء يا أبت ولا تقول يا أبتي ثم قال { يٰأَبَتِ إِنّى قَدْ جَاءنِى مِنَ ٱلْعِلْمِ } من الله تعالى من البيان { مَا لَمْ يَأْتِكَ } أنه من عند غير الله عذبه الله في الآخرة بالنار { فَٱتَّبِعْنِى } يعني: أطعني فيما أدعوك ويقال اتبع دين الله { أَهْدِكَ } يعني: أرشدك { صِرَاطاً سَوِيّاً } يعني: طريقاً عدلاً قائماً ترضاه { يٰأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ ٱلشَّيْطَـٰنَ } يعني: لا تطع الشيطان فمن أطاع شيئاً فقد عبده { إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ عَصِيّاً } يعني عاصياً ثم قال { يٰأَبَتِ إِنّى أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ } يعني: أعلم أن يمسك { عَذَابِ } إن أقمت على كفرك يصيبك عذاب { مّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ } { فَتَكُونُ لِلشَّيْطَـٰنِ وَلِيّاً } يعني: قريناً في النار { قَالَ } له أبوه { أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِى } يعني أتارك أنت عبادة آلهتي { يٰإِبْرٰهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ } يقول: إن لم تنته عن مقالتك ولم ترجع عنها لأسبنك وأشتمنك وكل شيء في القرآن من الرجم فهو القتل غير ها هنا فإن ها هنا المراد به السبُّ والشتم { وَٱهْجُرْنِى مَلِيّاً } يعني تباعد عني حيناً طويلاً ولا تكلمني وقال السدي (ملياً) تعني أبداً وقال قتادة واهجرني ملياً يعني تباعد عني سالماً ويقال لا تُكلِّمني دهراً طويلاً { قَالَ } إبراهيم { سَلَـٰمٌ عَلَيْكَ } يعني أكرمك الله بالهدى { سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِي } يعني سأدعو لك ربي { إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيّاً } يعني باراً عوّدني الإجابة إذا دعوته ويقال تحفَّيتُ بالرجل إذا بالغتُ في إكرامه وهذا قول القتبي ويقال: حفياً يعني عالماً يستجيب لي إِذا دعوته وكان يستغفر له ما دام أبوه حياً فلما مات كافراً ترك الاستغفار له وكان يرجو أن يهديه الله عز وجل قولُه عز وجل:

{ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ... }