الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ كۤهيعۤصۤ } * { ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ } * { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً } * { قَالَ رَبِّ إِنَّي وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنِّي وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً } * { وَإِنِّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِيَ مِن وَرَآءِى وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً } * { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً }

قوله عز وجل { كۤهيعۤصۤ } قرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص بنصب الهاء والياء وقرأ عاصم في رواية أبي بكر والكسائي بكسر الهاء والياء وقرأ أبو عمرو بكسر الهاء ونصب الياء وقرأ حمزة وابن عامر بنصب الهاء وكسر الياء وقرأ نافع بين الكسر والفتح وهو اختيار أبي عبيدة ومعنى هذا كله واحد قال ابن عباس في تفسير قوله كهيعص قال كاف فالله كاف لخلقه (بالرزق والعطف عليهم) والهاء فالله الهادي للخلق وأما الياء فيد الله مبسوطة على خلقه بالرزق لهم والعطف عليهم وأما العين فالله تعالى عالم بخلقه وأمورهم وأما الصاد فالله تعالى صادق بوعده وروي عن علي بن أبي طالب أنه قال هو اسم الله الأعظم وروي عنه أنه قال هو قسم أقسم الله بكهيعص ويقال هي حروف تدل على ابتداء السور نحو الر والمر وغيرهما ثم قال: { ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا } معناه على طريق ابن عباس باسم الله الكافي الهادي العالم الصادق ذكر رحمة ربك عبده زكريا (بالرحمة) ومن قال هو ابتداء السورة فمعناه اقرأ كهيعص من قال إنه قسم فمعناه ورب كهيعص إنه ذكر عبده زكريا بالرحمة ثم قال: { ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا } يعني: في هذه السورة ومعناه: ذكر ربك عبده زكريا بالرحمة ذكره بالرحمة لا يكون إلا بالله تعالى ففي الآية تقديم وتأخير يقول ذكر ربك عبده زكريا بالرحمة وهو " زكريا بن ماثان { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً } يقول دعا ربه نداءً خفياً يقول أخفاه وأسره من قومه ويقال: دعا ربه دعاء سراً لأنه علم أن دعاء السر أنفع وأسرع إجابة ويقال دعا ربه خفياً يعني: خالصاً { قَالَ رَبّ إِنّى وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنّى } أي: ضعف عظمي { وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً } يعني أخذ في الرأس شيباً: وبياضاً شيباً صار نصباً بالتمييز والمعنى اشتعل الرأس من الشيب يقال: للشيب إذا كثر جداً قد اشتعل رأس فلان بالشيب ثم قال: { وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً } يعني: لم تكن تخيب دعائي عندك إذا دعوتك { وَإِنّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِىَ مِن وَرَائِى } يعني: خشيت ويقال: أعلم الموالي يعني: الورثة ويقال: بنو العم ويقال: العصبة من ورائي يعني: من بعد موتي خاف أن يَرِثَهُ غير الولد وروي عن قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " يرحم الله تعالى زكريا وما كان عليه من ورثة " وروي عن سعيد بن العاص أنه قال أملي على عثمان { وَإِنّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِىَ } بنصب الخاء وتشديد الفاء وكسر التاء ويقال: يعني: ذهبت الموالي وقال أبو عبيدة لولا خلاف الناس لاتبعنا عثمان فيها ثم قال { وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِى عَاقِرًا } يعني: عقيماً لم تلد { فَهَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً } يعني ولداً { يَرِثُنِى وَيَرِثُ مِنْ ءالِ يَعْقُوبَ } وقال عكرمة: يرثني ما لي ويرث من آل يعقوب النبوة وهكذا قال الضحاك وقال بعضهم: يرثني يعني علمي وسنتي لأن الأنبياء عليهم السلام لا يورثون مالاً وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:

السابقالتالي
2