الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُواْ يٰمَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً } * { يٰأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً } * { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي ٱلْمَهْدِ صَبِيّاً } * { قَالَ إِنِّي عَبْدُ ٱللَّهِ آتَانِيَ ٱلْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً } * { وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِٱلصَّلاَةِ وَٱلزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً } * { وَبَرّاً بِوَٰلِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً } * { وَٱلسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً }

{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا } وذلك أن مريم حملت عيسى عليه السلام ودخلت على أهلها وكان أهلها أهل بيت صالحين { قَالُواْ } لها أي: قومها { يٰمَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً } يعني أتيت وفعلت أمراً عظيماً منكراً لا يعرف منك ولا من أهل بيتك { يٰأُخْتَ هَارُونَ } يعني هارون بن ماثان وكان من أمثل بني إسرائيل يَا أُخْتَ هَارُونَ يعني: يا شبه هارون في الصلاة والصلاح ويقال كان رجل سوء يسمى هارون فعيروها به وشبهوها بهارون ويقال كان لها أخ يقال له هارون من أبيها ولم يكن من أمها وذكر أن أهل الكتاب قالوا كيف تقولون إن مريم أخت هارون وكان بينهما ستمائة سنة فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " إنهم كانوا يسمون بأسماء الأنبياء والصالحين عليهم السلام " يعني أن أخا مريم سُمِّي باسم هارون النبي عليه السلام ثم قال: { مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْءٍ } يعني زانياً { وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً } يعني: فاجرة { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ } يعني أشارت إلى عيسى عليه السلام أن كلموه يعني كلموا عيسى { قَالُواْ كَيْفَ نُكَلّمُ مَن كَانَ فِى ٱلْمَهْدِ صَبِيّاً } يعني: من هو في الحجر وهو رضيع ويقال: معناه: كيف نكلم من هو يكون في المهد ويقال معناه كيف نكلم من يكون في المهد صبياً فأنطق الله تعالى عيسى فتكلم و { قَالَ إِنّى عَبْدُ ٱللَّهِ } فأول الكلام الذي تكلم به رد على النصارى لأنه أقر بأنه عبد الله ورسوله ثم قال { آتَانِيَ ٱلْكِتَابَ } روي عن ابن عباس أنه قال: معناه علمني الكتاب في بطن أمي ويقال معناه يؤتيني الكتاب وهو الإنجيل { وَجَعَلَنِى نَبِيّاً } أي أكرمني الله تعالى بأن جعلني نبياً { وَجَعَلَنِى مُبَارَكاً } يعني جعلني معلماً للخلق { أَيْنَمَا كُنتُ } يعني: حيث ما كنت { وَأَوْصَانِي بِٱلصَّلاَةِ وَٱلزَّكَاةِ } يعني: أوصاني وأمرني بإتمام الصلاة وإعطاء الزكاة { مَا دُمْتُ حَيّاً وَبَرّاً بِوَالِدَتِى } يعني جعلني رحيماً بوالدتي { وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِيّاً } يعني: لم يخذلني حتى صرت به جباراً عصياً { وَٱلسَّلَـٰمُ عَلَىَّ } يعني: السلام علي من الله تعالى { يَوْمَ وُلِدْتُّ } يعني: حين ولدت { وَيَوْمَ أَمُوتُ } يعني حين أموت { وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً } يعني: أبعث يوم القيامة فكلمهم بهذا ثم سكت فلم يتكلم حتى كان قدر ما يتكلم الغلمان.