الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً } * { قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً } * { آتُونِي زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ قَالَ ٱنفُخُواْ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِيۤ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } * { فَمَا ٱسْطَاعُوۤاْ أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا ٱسْتَطَاعُواْ لَهُ نَقْباً }

{ قَالُواْ يا ذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِى ٱلأَرْضِ } أي: يخرجون إلى أرضنا ويأكلون رطبنا ويحملون يابسنا ويقتلون أولادنا وكان يأجوج رجلاً ومأجوج رجلاً وكان أخوين من بني يافث بن نوح فكثر نسلهما فنسب إليهما ويقال سمي يأجوج ومأجوج لكثرتهم وازدحامهم لأنهم يموجون بعضهم في بعض { فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً } قرأ عاصم يأجوج ومأجوج بهمز الألف وقرأ الباقون بغير همز وقرأ حمزة والكسائي خراجاً بالألف وقرأ الباقون خرجاً بغير ألف ويقال الخراج هو الضريبة والخرج هو الجعل ويقال: أحدهما اسم والآخر مصدر { عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا سَدّاً } أي: حاجزاً فـ { قَالَ } ذو القرنين { مَا مَكَّنّى فِيهِ رَبّى خَيْرٌ } قرأ ابن كثير ما مكنني بنونين وهو الأصل في اللغة وقرأ الباقون مكني فأدغم إحدى النونين في الأخرى وأقيم التشديد مقامه أي ما ملكني وأعطاني فيه ربي من القوة والمال خير من جعلكم في الدنيا ويقال ما يعطيني الله تعالى في الأخرى من ثواب خير { فَأَعِينُونِى بِقُوَّةٍ } قالوا وما تريد قال آلة العمل وهي آلة الحدادين { أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا } قالوا وَمَا هِيَ قال { آتُوني زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ } أي: قطع الحديد أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ سَدّاً قرأ عاصم في إحدى الروايتين إيتوني على معنى جيئوني وقرأ الباقون (آتوني) بمد الألف أي: أعطوني فأتوه بقطع الحديد فبناه { حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامرالصدفين بضم الصاد والدال وقرأ عاصم بضم الصاد وجزم الدال وقرأ الباقون بنصب الصاد والدال وهما ناحيتا الجبل فأخذ قطع الحديد وجعل بينهما حطباً وفحماً ووضع المنافخ وقال انفخوا فنفخوه حتى صار كهيئة النار. ثم أتى بالصفر ويقال بالنحاس فأذابه وأفرغ عليه حتى صار جبلاً من حديد ونحاس فذلك قوله: { حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ } أي: بين الجبلين { قَالَ ٱنفُخُواْ } فنفخوا { حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَاراً } أي صير الحديد ناراً { قَالَ آتُونِى أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } وهو الصفر المذاب أَصبُبْ عليه قرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة (قَالَ ائْتُوني) بجزم الألف والباقون بالمد { فَمَا ٱسْطَـٰعُواْ } أي فما قدروا { أَن يَظْهَرُوهُ } يعني: أن يعلوا فوق السد { وَمَا ٱسْتَطَـٰعُواْ لَهُ نَقْبًا } أي: ما قدروا على نقب السد ويقال ما استطاعوا له نقباً أي: ما تحت السد في الأرض لأنه بناه في الأرض إلى السماء قال الفقيه رضي الله عنه: حدثنا عمرو بن حمد قال: حدثنا أبو بكر الواسطي قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف قال: حدثنا أبو حفص عن سعيد عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن يأجوج ومأجوج يحفرون الردم في كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذين عليهم ارجعوا فسنحفره غداً فيعيده الله كما كان حتى إذا بلغت مدتهم قال الذين عليهم ارجعوا فسنحفره غداً إن شاء الله تعالى فيعودون إليه فإذا هو كهيأته حين تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فيستقون المياه وتحصن الناس في حصونهم فيبعث الله عليهم نغفاً في أقفيتهم فيهلكهم الله بها "

السابقالتالي
2