الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً } * { فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً } * { وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً }

{ وَأَمَّا ٱلْغُلَـٰمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا } أي يقول يكلفهما { طُغْيَـٰناً وَكُفْراً } يقول تمادياً وإثماً { فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا } قرأ نافع وأبو عمرو يبدّلهما بتشديد الدال وقرأ الباقون بالتخفيف ومعناهما واحد يقال: بدل وأبدل بمعنى واحد أي: يعطيهما ولداً غير هذا الولد { رَبُّهُمَا خَيْراً مّنْهُ } أَي أفضل { زَكَوٰةً } أي: ولداً صالحاً { وَأَقْرَبَ رُحْماً } أي: أوصل رحماً ويقال رحماً ويقال أقرب رحمة وعطفاً عليهما قال الكلبي: فولدت امرأته جارية فتزوجها نبي من الأنبياء فهدى الله على يده أمة من الأمم { وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَـٰمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِى ٱلْمَدِينَةِ } أحدهما أصرم والآخر صريم { وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا } قال الكلبي: أي مالا لهما وقال مقاتل ومجاهد: كل شيء في القرآن من كنز فهو مال غير هنا فإنه الصحف التي فيها علم وقال الضحاك كنز لهما أي: علم لهما قال الفقيه: حدثني أبي بإسناده عن أنس بن مالك قال. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد تحت الجدار الذي قال الله تعالى (وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا) لوح من ذهب والذهب لا يصدأ ولا ينقص مكتوب فيه (بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) عجبت لمن يوقن بالموت كيف يفرح وعجبت لمن يوقن بالقدر كيف يحزن وعجبت لمن يوقن بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها لا إله إلا الله محمد رسول الله روي عن ابن عباس أنه قال كان في اللوح خمس كلمات وذكر نحوه قوله: { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَـٰلِحاً } ذا أمانة واسمه كاشح فحفظا بصلاح أبيها ولم يذكر منهما صلاحاً روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " إن الله تعالى ليصلح بصلاح الرجل أهله وولده وأهل دويرته وأهل الدويرات حوله " { فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا } أي يبلغا مبلغ الرجال { وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مّن رَّبّكَ } أي: نعمة من ربك { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِى } أي: من قبل نفسي ولكن الله أمرني به { ذَلِكَ تَأْوِيلُ } أي: تفسير { مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً } تستطع وتسطع بمعنى واحد يقال اسطاع واستطاع قال الفقيه رضي الله عنه: حدثنا الخليل بن أحمد حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد الدوري قال: حدثنا الحجاج الأعور قال: حدثنا حمزة الزيات عن أبي إسحق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب (قال " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دعا لأحد بدأ بنفسه وقال «رحمة الله علينا وعلى موسى فلو كان صبر لقص الله علينا من خبرهما " وفي رواية أخرى " لقص الله علينا من خبرهما العجائب " فلما أراد موسى أن يرجع قال للخضر أوصني فقال له الخضر إياك واللجاجة ولا تمش في غير حاجة ولا تضحك من غير عجب ولا تعير الخطائين بخطاياهم وابك على خطيئتك يا ابن عمران قال مجاهد: إنما سمي الخضر خضراً لأنه لا يكون بأرض إلا اخضرت.