الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } * { قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَٰحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً } * { فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } * { قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً } * { أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً }

{ قَالَ } الخضر { أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْراً } وقد زاد هنا لك للتأكيد قيل: لأنه قد سبق منه الزجر مرة { قَالَ } موسى: { إِن سَأَلْتُكَ عَن شَىْء بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِى } يعني: إن طلبت صحبتك فلا تبايعني وقد قرىء فلا تصحبني أبداً { قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنّى عُذْراً } يقول: قد أعذرت فيما بيني وبينك في الصحبة { فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ } قال ابن عباس: وهي أنطاكية { ٱسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا } أي: استضافا قال بعضهم: سألاهم وقال بعضهم: لم يسألاهم ولكن كان نزولهما بين ظهرانيهم بمنزلة السؤال منهما { فَأَبَوْاْ أَن يُضَيّفُوهُمَا } يعني: لم يطعموهما { فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً } يعني: في تلك القرية { يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ } وهذا كلام مجاز لأن الجدار لا يكون له إرادة ومعناه كاد أن يسقط { فَأَقَامَهُ } يعني: سواه الخضر { قَالَ } موسى: { لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } أي: جعلاً خبزاً تأكله قرأ ابن كثير وأبو عمرو لتخذت بغير ألف وكسر الخاء والباقون لاتخذت ومعناهما واحد وقرأ نافع (مِنْ لَدُنِي) بنصب اللام وضم الدال وتخفيف النون وقرأ حمزة والكسائي وابن كثير وأبو عمرو من لدنّي بتشديد النون وهي اللغة المعروفة والأول لغة لبعض العرب واختلف الروايات عن عاصم { قَالَ } الخضر { هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ } أي: هذا شرط الفراق بيني وبينك وأنت حكمت على نفسك { سَأُنَبّئُكَ بِتَأْوِيلِ } أي: بتفسير { مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً } أي تعلم ما رأيتني أصنع فأنكرت لتغرق أهلها وتأويله { أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَـٰكِينَ يَعْمَلُونَ فِى ٱلْبَحْرِ } ويكسبون قوتهم { فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا } أي أجعلها معيبة { وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ } أي: أمامهم ملك روي عن ابن عباس أنه كان يقرأ وكان أمامهم ملك { يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } وكان ابن عباس يقرأ أيضاً كل سفينة صالحة غصباً أَي: كل سفينة بغير عيب. وكان اسم الملك جلنذا يعني: أنها لو كانت بغير عيب أخذها الملك فإذا كانت مع العيب تبقى للمساكين قال الفقيه أبو الليث: فيه دليل أن للوصي أن ينقض مال اليتيم إذا رأى فيه صلاحاً وهو أنه لو كانت له دار نفيسة فخاف أن يطمع فيها بعض السلاطين فأراد أن يخرب بعضها ليبقيها لليتيم جاز وروي عن أبي يوسف أنه كان يجيز مصانعة الوصي في مال اليتيم وهو يدفع من ماله شيئاً إلى السلطان. ليدفعه عن بقية ماله.