الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } * { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً }

{ وَوُضِعَ ٱلْكِتَـٰبُ } أي: وضع كتاب كل امرىء منهم بيمينه أو بشماله { فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ } أي: المشركين والمنافقين والعاصين { مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ } أي: خائفين مما في الكتاب من الإحصاء { وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا } يا ندامتنا { مَّالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَـٰبِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً } يعني: الزلل والكبائر ويقال تبسماً وضحكاً { إِلاَّ أَحْصَاهَا } يقول: حفظها عليهم { وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ } في الكتاب { حَاضِرًا } من خير أو شر مكتوباً { وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } أي: لا ينقص من ثواب أعمالهم ولا يزيد في سيآتهم { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ } الذين كانوا في الأرض مع إبليس { ٱسْجُدُواْ لآِدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنّ } قال بعضهم: كان أصله من الجن فلحق بالملائكة وجعل يتعبد معهم وقال مقاتل: كان من الجن وهو جنس من الملائكة يقال لهم: الجن روي عن ابن عباس أنه كان من الملائكة الذين هم خزان الجنان ويقال كان من الجن أي صار من الجن كقولهفَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ } [هود: 43] { فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبّهِ } أي: تعظم من طاعة ربه وخرج عن طريق ربه يقال: فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِى } أفتطيعونه وتتركون أمر الله { وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ } أي: أعداء كقولههُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ } [المنافقون: 4] { بِئْسَ لِلظَّـٰلِمِينَ بَدَلاً } أي: بئس ما استبدلوا عبادة الشيطان بعبادة الله ويقال: بئس ما استبدلوا بولاية الله تعالى ولاية الشيطان.