الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً } * { قُل لَوْ كَانَ فِي ٱلأَرْضِ مَلاۤئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكاً رَّسُولاً } * { قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً } * { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً } * { ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً }

ثم قال: { وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ } يعني: أهل مكة { إِذْ جَاءهُمُ ٱلْهُدَىٰ } يعني: القرآن ومحمد - صلى الله عليه وسلم - { إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَرًا رَّسُولاً } يعني: الرسول من الآدميين ومعناه: أنه ليست لهم حجة سوى ذلك القول. قال الله تعالى: { قُلْ } يا محمد { لَوْ كَانَ فِى ٱلأَرْضِ مَلَـٰئِكَةٌ يَمْشُونَ } أي: لو كان سكانٌ ملائكة يمشون { مُطْمَئِنّينَ } أي: مقيمين في الأرض { لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مّنَ ٱلسَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً } أي: لبعثنا عليهم رسولاً من الملائكة وإنما يبعث الملك إلى الملائكة والبشر إلى البشر. فلما قال لهم ذلك قالوا: له من يشهد لك بأنك رسول الله تعالى. قال الله تعالى: { قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } بأني رسول الله { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا } ثم قال { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ } أي: من يكرمه الله تعالى بالإسلام ويوفقه { فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ } يعني: فهو على الهدى وعلى الصواب. قرأ نافع وأبو عمرو " المهتدي " بالياء عند الوصل. وقرأ الباقون بغير ياء { وَمَن يُضْلِلِ } أي: ومن يخذله الله عن دينه { فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ } أي: يهدونهم من الضلالة { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ } أي: نبعثهم يوم القيامة ونسوقهم منكبين على وجوههم يسحبون عليها { عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمّاً } عن الهدى ويقال: في ذلك الوقت يكونون عمياً وبكماً وصماً. كما وصفهم { مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } أي: مصيرهم إلى جهنم { كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا } يقول: كلما سكن لهبها ولم تجد شيئاً تأكله { زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا }. أي: وقوداً، أعيدوا خلقاً جديداً. قال مقاتل: وذلك أن النار إذا أكلتهم فلم يبق منهم شيء غير عظام وصاروا فحماً سكنت النار فهو الخبو. ثم بدلوا جلوداً غيرها فتشتعل وتسعر عليهم فذلك قوله { زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا } وقال أهل اللغة: يقال خبت النار إذا سكن لهبها وإذا بقي من جمرها شيء يقال: خمدت فإِذا طفئت ولم يبق شيء قالوا همدت ثم قال تعالى: { ذَلِكَ جَزَاؤُهُم } أي: ذلك العذاب عقوبتهم وجزاء أعمالهم { بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنَا } أي: بمحمد - صلى الله عليه وسلم - والقرآن { وَقَالُواْ أَءذَا كُنَّا عِظَـٰماً وَرُفَـٰتاً } أي: تراباً { أَءنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } بعد الموت.