الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً } * { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً } * { أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ ٱلأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً } * { أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ قَبِيلاً } * { أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً }

ثم قال: { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ } يعني: بينا للناس { فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ } أي: من كل لون ومن من الحلال والحرام والأحكام والحدود والوعد والوعيد { فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا } أي: ثباتاً على الكفر. ويقال: أبوا عن الشكر إلاّ كفوراً. أي كفراناً مكانه ويقال: لم يقبلوه قوله: { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ } أي: لن نقربك ولن نصدقك، وهو عبد الله بن أبي أمية المخزومي وأصحابه قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - { لَن نُّؤْمِنَ لَكَ } { حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا } يعني: تشقق الماء { مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعًا } أي: عيوناً. قرأ أهل الكوفة عاصم وحمزة والكسائي " تَفْجُرَ " بنصب التاء وجزم الفاء وضم الجيم مع التخفيف وقرأ الباقون " تُفَجِّرَ " بضم التاء ونصب الفاء مع التشديد. وقال أبو عبيدة هذا أحب إليّ لأنهم اتفقوا في الذي بعده ولا فرق بينهما في اللغة، فمن قرأ بالتشديد فللتكثير والمبالغة كما يقال: قَبّل تَقْبيلاً للمبالغة ثم قال: { أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ } أي: بستاناً { مّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ } أي: الكروم { فَتُفَجّرَ ٱلأَنْهَـٰرَ } أي: تشقق الأنهار { خِلاَلَهَا } يعني: وسطها { تَفْجِيرًا } أي: تشقيقاً { أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا } أي: قطعاً. قرأ ابن عامر وعاصم ونافع " كِسَفًا " بنصب السين. وقرأ الباقون بالجزم ومعناهما واحد أي تسقط علينا طبقاً، واشتقاقه من كسفت الشيء إذا غطيته. ومن قرأ بالنصب جعلها جمع كسفة وهي القطعة { أَوْ تَأْتِىَ بِٱللَّهِ وَٱلْمَلَـئِكَةِ قَبِيلاً } أي: ضميناً كفيلاً، والقبيل الكفيل. ويقال: من المقابلة أي: معاينة، شهيداً يشهدون لك بأنك نبي الله تعالى { أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مّن زُخْرُفٍ } أي: من ذهب { أَوْ تَرْقَىٰ فِى ٱلسَّمَاءِ } أي: تصعد إلى السماء { وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيّكَ } أي: لصعودك { حَتَّى تُنَزّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَءهُ } روى أسباط عن السدي أنه قال: " لما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة جاءه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وعبد الله بن أمية المخزومي أخو أم سلمة فأبى أن يبايعهما فقالت أم سلمة ما بال أخي؟ يكون أشقى الناس بك رسول الله وابن عمك. فقال: «أمَّا ابن عمي فإِنه كان يهجونا. وأمَّا أخوك فإِنه زعم أنه لا يؤمن بي حتى أرقى في السماء ولو رقيت إلى السماء لن يؤمن حتى آتيه بكتاب يقرؤه " ثم دعاهما فقبل منهما وبايعهما. قال الله تعالى: { قُلْ سُبْحَـٰنَ رَبّى هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً } فإني لا أقدر على ما تسألوني. قرأ ابن كثير وابن عامر " قَالَ سُبْحَانَ رَبِّي " بالألف على وجه الحكاية. وقرأ الباقون " قُلْ سُبْحَانَ " بغير ألف على وجه الأمر.