الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً } * { وأَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } * { وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً } * { وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَآ آيَةَ ٱلَّيلِ وَجَعَلْنَآ آيَةَ ٱلنَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً }

ثم قال: { إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ } أي: يدعو ويدل ويرشد إلى التي هي أقوم وهو توحيد الله تعالى وهو " شهادة أن لا إله إلاّ الله والإِيمان برسله والعمل بطاعته، هذه صفة الحال التي هي أقوم { وَيُبَشّرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } يعني: القرآن بشارة للمؤمنين { ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّـٰلِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا } في الجنة { وأَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ } أي: لا يصدقون بالبعث { أَعْتَدْنَا لَهُمْ } أي: هيئنا لهم { عَذَاباً أَلِيماً } أي: وجيعاً. قرأ حمزة والكسائي " وَيَبْشُرُ " بنصب الياء وجزم الباء والتخفيف وقرأ الباقون " وَيُبَشِّرُ " بضم الياء والتشديد قوله: { وَيَدْعُ ٱلإِنْسَـٰنُ بِٱلشَّرِّ } وأصله في اللغة: ويدعو بالواو. إلا أنه حذف الواو في الكتابة لأن الضمة تقوم مقامه. مثل قوله:سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } [العلق: 18] وأصله: سندعو، أي: يدعو الإِنسان باللعن على نفسه وأهله وولده وماله وخدمه { دُعَاءهُ بِٱلْخَيْرِ } أي: دعاءه بالرزق والعافية والرحمة وما يستجاب له، فلو استجيب له إذا دعا باللعن كما يستجاب له بالخير هلك. ويقال: نزلت في النضر بن الحارث حيث قال: { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا مّنَ ٱلسَّمَاء } { وَكَانَ ٱلإِنْسَـٰنُ عَجُولاً } يستعجل. يعني: إِن آدم عجل بالقيام قبل أن يتم فيه الروح. وكذلك النضر بن الحارث يستعجل بالدعاء على نفسه ويستعجل بالعذاب، ويروي الحكم عن إبراهيم عن سلمان أنه قال: لما خلق الله تعالى آدم بدأ بأعلاه قبل أسفله فجعل آدم ينظر وهو يخلق فلما كان بعد العصر قال: يا رب عجل قبل الليل فذلك قوله: وكان الإِنسان عجولاً. قال ابن عباس: لما جعل فيه الروح فإِذا جاوز عن نصفه أراد أن يقوم فسقط فقيل له لا تعجل فذلك قوله: { وَكَانَ ٱلإِنْسَـٰنُ عَجُولاً } قوله: { وَجَعَلْنَا ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ ءايَتَيْنِ } يعني: خلقنا الشمس والقمر علامتين يدلان على أَن خالقهما واحد. { فَمَحَوْنَا ءايَةَ ٱلَّيْلِ } يعني: ضوء القمر وهو السواد الذي في جوف القمر. وقال محمد بن كعب: كانت شمس بالليل وشمس بالنهار فمحيت شمس الليل. وقال ابن عباس: كان في الزمان الأول لا يعرف الليل من النهار فبعث الله جبريل فمسح جناحه بالقمر فذهب ضوؤه وبقي علامة جناحه وهو السواد الذي في القمر، فذلك قوله: { فَمَحَوْنَا ءايَةَ ٱلَّيْلِ } { وَجَعَلْنَآ آيَةَ ٱلنَّهَارِ مُبْصِرَةً } أي: وتركنا علامة النهار مضيئة مبينة { لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مّن رَّبّكُمْ } أي: لكي تطلبوا رزقاً من ربكم في النهار { وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ } أي: حساب الشهور والأيام { وَكُلَّ شَىْء فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً } أي: بيناه في القرآن.