الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً } * { وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَئُوساً } * { قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلاً } * { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }

ثم قال: { وَنُنَزّلُ مِنَ ٱلْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاء } أي: بيان من العمى، ويقال: شفاء للبدن إذا قرىء على المريض يبرأ أو يهون عليه { وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ } أي: ونعمة من العذاب لمن آمن بالقرآن { وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّـٰلِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا } أي: المشركين ما نزل من القرآن ما يزيدهم إلاَّ خساراً. أي: تخسيراً وغبناً قوله: { وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإنْسَـٰنِ } أي: إذا وسعنا على الكافر الرزق ورفعنا عنه العذاب في الدنيا { أَعْرَضَ } عن الدعاء، ويقال: النعمة هي إرسال محمد - صلى الله عليه وسلم - أعرض عنه الكافر { وَنَأَى بِجَانِبِهِ } يعني: تباعد عن الإيمان فلم يقربه. قرأ ابن عامر: " وَنَاءَ " بمد الألف على وزن باع. وقرأ أبو عمرو بنصب النون وكسر الألف. وقرأ حمزة والكسائي بكسر النون والألف. وقرأ الباقون بنصب النون والألف { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَئُوساً } يعني: إذَا أصابه الفقر في معيشته والسقم في الجسم كان آيساً من رحمة الله تعالى ثم قال: { قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ } قال القتبي: على خليقته وطبيعته وهو من الشكل. وقال الحسن على شاكلته على بنيته وكذلك قال معاوية بن قرة وقال الكلبي: على ناحيته ومنهاجه وحديثه وأمره الذي هو عليه { فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلاً } أي: بمن هو أصوب ديناً ويقال: هو عالم بمن هو على الحق. قوله: { وَيَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبّى } أي: لا علم لي فيه. وقال مجاهد: الروح خلق من خلق الله تعالى له أَيْدٍ وأرجل. وقال مقاتل: الروح ملك عظيم على صورة الإنسان أعظم من كل مخلوق. وروى معمر عن قتادة والحسن أنهما قالا الروح هو جبريل. وقال قتادة: كان ابن عباس يكتمه. أي: يجعله من المكتوم الذي لا يفسر. وروى الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود أنه قال: كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمر بقوم من اليهود فقال بعضهم: سلوه عن الروح وقال بعضهم لا تسألوه. فقالوا يا محمد ما الروح؟ فقام متوكئاً على عسيب. فظننت أنه يوحى إليه فنزل { وَيَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبّى } فقال بعضهم لبعض: قد قلنا لكم لا تسألوه. ويقال: الروح القرآن كقوله: { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مّنْ أَمْرِنَا } وروي في بعض الروايات عن ابن عباس أنه قال: الروح ملك له مائة ألف جناح وكل جناح لو فتحه يأخذ ما بين المشرق والمغرب، ويقال: إن جميع الملائكة تكون صفاً واحداً. والروح وحده يكون صفاً واحداً كقوله:يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ صَفّاً } [النبأ: 38] واحداً ويقال: معناه: يسألونك عن الروح الذي هو في الجسد كيف هو قل الروح من أمر ربي. ويقال: الروح: جبريل كقوله:نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } [الشعراء: 193] أي: يسألونك عن إتيان جبريل. كيف نزوله عليك قل الروح من أمر ربي { وَمَا أُوتِيتُم مّن ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } أي: ما أعطيتموه من العلم مما عند الله إلاَّ يسيراً.