الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } * { وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَٱجْعَل لِّي مِن لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً } * { وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ إِنَّ ٱلْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً }

ثم قال: { وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ } يعني: قم بالليل بعد النوم، والتهجد القيام بعد النوم { نَافِلَةً لَّكَ } روى شهر بن حوشب عن أبي أمامة أنه قال: كانت النافلة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة. وقال مجاهد: لم تكن النافلة إلا للنبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ويقال: " نَافِلَةً لَكَ " أي: فضلاً لك ويقال: خاصة لك { عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُودًا } قال مقاتل: يعني: إن الشفاعة لأصحاب الأعراف، يحمده الخلق كلهم، ويقال: إخراج قوم من النار. قال الفقيه: حدثنا الخليل بن أحمد قال: حدثنا محمد بن معاوية الأنماطي قال: حدثنا الحسن بن الحسين عن عطية العوفي قال: حدثنا أبو حنيفة عن عطية العوفي " عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: في قوله: { عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُودًا } قال: «يخرج الله أقواماً من النار من أهل الإيمان بشفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - فذلك المقام المحمود فيؤتى بهم نهراً يقال له: الحيوان فيلقون فيه فينبتون كما ينبت التقارير ثم يخرجون فيدخلون الجنة فيسمون فيها الجهنميون. قال: ثم يطلبون إلى الله تعالى أن يذهب عنهم هذا الاسم فيذهبه عنهم " وروي عن حذيفة بن اليمان أنه قال: " يجمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة في صعيد واحد ينفذهم البصر ويسمعهم المنادي فيقول: يا محمد فيقول: «لبيك وسعديك والخير بيديك " وهو المقام المحمود، ويغبطه به الأولون والآخرون ثم قال تعالى: { وَقُل رَّبّ أَدْخِلْنِى مُدْخَلَ صِدْقٍ } أي: قال هذا حين أمره الله تعالى بالرجوع إلى المدينة بعدما خرج منها فأمره الله بأن يقول: حين دخل المدينة رب أدخلني مُدخل صدق أي: أدخلني في المدينة إدخال صدق { وَأَخْرِجْنِى مُخْرَجَ صِدْقٍ } يعني: من المدينة إلى مكة إخراج صدق، ويقال: أدخلني في الدين مدخل صدق. أي: ثبتني على الدين وأخرجني أي: احفظني من الكفر، ويقال: أخرجني من الدنيا إخراج صدق وأدخلني في الجنة. ويقال: أدخلني بعز وشرف وإظهار الإسلام، ويقال: أدخلني في القبر مدخل صدق وأخرجني من القبر مخرج صدق. وقال مجاهد: أدخلني في النبوة والرسالة مدخل صدق، وقال الحسن: مخرج صدق من مكة إلى المدينة. ومدخل صدق الجنة. وقال السدي: أدخلني المدينة وأخرجني من مكة، وعن أبي صالح: أدخلني في الإسلام وارفعني بالإسلام { وَٱجْعَل لّى مِن لَّدُنْكَ } يعني: من عندك { سُلْطَـٰناً نَّصِيرًا } أي: ملكاً مانعاً لا زوال فيه ولا يرد قولي، ويقال: حجة ثابتة ظاهرة، قوله: { وَقُلْ جَاء ٱلْحَقُّ } ظهر الإسلام والقرآن { وَزَهَقَ ٱلْبَـٰطِلُ } يقول: هلك الشرك وأهله { إِنَّ ٱلْبَـٰطِلَ كَانَ زَهُوقًا } يعني: الشرك كان هالكاً. لم يكن له قرار ولا دوام. روي عن عبد الله بن الشخير عن عبد الله بن مسعود أنه قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة يوم الفتح وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنماً فجعل يطعنها بعود في يده ويقول:جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَـٰطِلُ إِنَّ ٱلْبَـٰطِلَ كَانَ زَهُوقًا } [الإسراء: 81] { جَاء ٱلْحَقُّ وَمَا يُبْدِىء ٱلْبَـٰطِلُ وَمَا يُعِيدُ } وذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول ذلك والصنم ينكب لوجهه.