الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً } * { إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ ٱلْحَيَاةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً } * { وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً }

ثم قال: { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَـٰكَ } يقول: عصمناك ويقال: حفظناك { لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ } يعني: لقد هممت أن تميل إليهم { شَيْئًا قَلِيلاً } وتعطي أمنيتهم شيئاً قليلاً { إِذًا لأَذَقْنَـٰكَ ضِعْفَ ٱلْحَيَوٰةِ } أي: عذاب الدنيا { وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ } يعني: عذاب الآخرة وهذا قول ابن عباس. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال: ضعف الحياة عذابها أي: عذاب الدنيا، وضعف الممات أي: عذاب الآخرة. وهذا مثل الأول. ويقال: ضعف الممات أي: عذاب القبر، ويقال: هذا وعيد للنبي - صلى الله عليه وسلم - يعني إنك لو فعلت ذلك يضاعف لك العذاب على عذاب غيرك كما قال تعالى:يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِىِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَـٰحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ } [الأحزاب: 30] لأن درجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ودرجة من وصفهم فوق درجة غيرهم فجعل لهم العذاب أشد. وروي عن مالك ابن دينار أنه قال: سألت أبا الشعثاء عن قوله: { ضِعْفَ ٱلْحَيَوٰةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ } فقال: ضعف عذاب الدنيا وضعف عذاب الآخرة ثم قال: { ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا } يقول: مانعاً يمنعك من ذلك، ويقال: مانعاً يمنع من العذاب قوله: { وَإِن كَادُواْ } وقد كادوا { لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا } أي: ليستزلونك وليخرجوك من أرض مكة { وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُونَ خِلَـٰفَكَ } أي: بعدك { إِلاَّ قَلِيلاً } فيهلكهم الله تعالى وروى عبد الرزاق عن معمر أنه قال: قد فعلوا ذلك فأهلكهم الله تعالى يوم بدر ولم يلبثوا بعده إلا قليلاً وقال مقاتل: وإن كادوا ليستفزونك من الأرض يعني: من أرض المدينة نزلت الآية في حيي بن أخطب وغيره من اليهود حين دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة حسدوه وقالوا: إنك لتعلم أن هذه ليست من أرض الأنبياء إنما ارض الأنبياء الشام، فإن كنت نبياً فاخرج منها فنزل { وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا } أي: من أرض المدينة إلى الشام { وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُونَ خِلَـٰفَكَ إِلاَّ قَلِيلاً } وأمر بالرجوع إلى المدينة.