الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذٰلِك فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً } * { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً } * { وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا ٱلرُّءْيَا ٱلَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلْمَلْعُونَةَ فِي ٱلقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً } * { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً }

قوله: { وَإِن مّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } قال ابن عباس يعني نميت أهلها { أَوْ مُعَذّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا } يعني بالسيف والزلازل والأمراض والخوف والغرق والحرق { كَانَ ذٰلِك فِى ٱلْكِتَـٰبِ مَسْطُورًا } أي: في الذكر الذي عند الله. وقال مجاهد: مهلكوها أي مبيدوها أو معذبوها بالقتل والبلاء، ما من قرية في الأرض إلا سيصيبها بعض ذلك. روى حماد بن سلمة عن أبي العلاء عن مكحول أنه قال: أول أرض تصير خراباً أرض أرمينة وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال أول أرض تصير خراباً أرض الشام وروى ابن سيرين عن ابن عمر أنه قال: البصرة أسرع الأرضين خراباً وأخبثهم تراباً، وروى عن عليّ أنه قال: أكثروا الطواف بهذا البيت قبل أن يحال بينكم وبينه فكأني برجل من الحبشة خمش الساقين قاعداً عليها يهدمها حجراً حجراً. ثم قال تعالى: { وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِٱلأَيَـٰتِ } وذلك أن قريشاً طلبوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتيهم بآية فنزل وما منعنا. أي: ليس أحد يمنعنا أن نرسل الآيات عندما سألوها { إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ } يعني: تكذيب الأولين حين أتتهم الآيات فلم يؤمنوا بها، فأتاهم العذاب.

قال الفقيه: حدثنا الخليل بن أحمد قال: حدثنا أبو العباس بن السراج قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " سأل أهل مكة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل الصفا لهم ذهباً وأن ينحي الجبال عنهم فيزرعونها، فقيل له: إن شئت أن تستأني بهم لعلنا نتخير منهم ذرية. وإن شئت أن نريهم الذي سألوا. فإِن كفروا أهلكوا كما أهلك من كان قبلهم. فقال: «بل أستأني بهم " فنزل { وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِٱلأَيَـٰتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ } ثم قال: { وَآتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً } أي: معاينة يبصرونها، ويقال: علامة لنبوته { فَظَلَمُواْ بِهَا } أي: جحدوا بها فعقروها فعذبوا. فقال الله تعالى: { وَمَا نُرْسِلُ بِٱلأَيَـٰتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا } لهم ليؤمنوا. فإِن أبوا أتاهم العذاب قوله: { وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِ } قال الكلبي: أحاط علمه بالناس. ويقال: هم في قبضته أي: قادر عليهم. وقال قتادة: يعني: يمنعك من الناس حتى تبلغ رسالات الله تعالى. وقال السدي معناه: إن ربك مظهرك على الناس. ثم قال: { وَمَا جَعَلْنَا ٱلرُّءيَا ٱلَّتِى أَرَيْنَـٰكَ إِلاَّ فِتْنَةً لّلنَّاسِ } قال: حدثنا الخليل بن أحمد قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد الدبيلي، قال: حدثنا أبو عبد الله قال: حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس في قوله: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس قال هي رؤيا عين أريها النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به.

السابقالتالي
2