الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } * { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ }

قوله: { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ } أي: استسلموا وخضعوا وانقادوا، العابد والمعبود، والتابع والمتبوع، يومئذ خضعوا كلهم لله تعالى { وَضَلَّ عَنْهُم } أي: اشتغل عنهم آلهتهم بأنفسهم { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } يعني: يختلفون ويقال: بطل عنهم ما كانوا يقولون من الكذب في الدنيا. ثم بين عذابهم فقال تعالى: { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي: صرفوا الناس عن دين الإسلام { زِدْنَـٰهُمْ عَذَابًا فَوْقَ ٱلْعَذَابِ } يعني: القادة { بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } من الشرك والتكذيب زدناهم عذاباً فوق عذاب السفلة، ويقال: التابع والمتبوع زدناهم في كل وقت عذاباً مع العذاب. وقال مقاتل: يجري الله عليهم خمسة أنهار من نحاس ذائب، ثلاثة أنهار في مقدار وقت الليل واثنان في مقدار وقت النهار بما كانوا يفسدون في الدنيا - وقال الكلبي: نحو هذا.

قال الفقيه أبو الليث: حدثنا محمد بن الفضل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف عن عبيد الله عن إسرائيل عن السدي عن مرة عن عبد الله بن مسعود في قوله { زِدْنَـٰهُمْ عَذَابًا فَوْقَ ٱلْعَذَابِ } قال: أفاعي في النار. وعن ابن مسعود أيضاً قال: زيدوا عقارب في النار أنيابها كالنخيل الطوال، وعن مجاهد أنه قال: في النار عقارب كالبغال، أنيابهن كالرماح تضرب إحداهن على رأسه فيسقط لحمه على قدميه، وقال: يسألون الله تعالى المطر في النار ألف سنة ليسكن ما بهم من شدة الحر والغم فيظهر لهم سحابة فيظنون أنها تمطر عليهم فجعلت السحابة تمطر عليهم الغيث فإذا هي تمطر عليهم بالحيات والعقارب ويقال: يسلط عليهم الجوع ويقال الجرب ويقال: الخوف. قوله: { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِى كُلّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مّنْ أَنفُسِهِمْ } أي: رسولاً من الآدميين { وَجِئْنَا بِكَ } يا محمد { شَهِيدًا عَلَىٰ هَـؤُلآء } أي: على أمتك { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ } أي: القرآن { تِبْيَانًا لّكُلّ شَىْء } من الأمر والنهي، إلا أن بعضه مفسر وبعضه مجمل يحتاج إلى الاستخراج والاستنباط. وقال مجاهد: ما يسأل الناس عن شيء إلا في كتاب الله تبيانه ثم قر أ { تِبْيَانًا لّكُلّ شَىْء } وقال علي بن أبي طالب: كل شيء علمه في الكتاب إلا أن آراء الرجال تعجز عنه. ثم قال: { وَهُدًى وَرَحْمَةٌ } أي: هدى من الضلالة " ورحمة " أي: نعمة لمن آمن به وعمل بما فيه { وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } بالجنة.