الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَٰتٍ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱللَّهُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لأَيٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ ٱلأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ }

ثم قال تعالى: { وَللَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } يعني: ما غاب عن العباد { وَمَا أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ } يعني: قيام الساعة { إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ } كرجع البصر { أَوْ هُوَ أَقْرَبُ } يقول: بل هو أقرب أي أسرع. قال الزجاج: أخبر الله تعالى أن البعث والإِحياء في قدرة الله تعالى ومشيئته كلمح البصر. ولم يرد أن الساعة تأتي في لمح البصر ولكنه وصف سرعة القدرة على الإِتيان بها. ويقال أو هو أقرب الألف زيادة ومعناه وهو أقرب. ثم قال: { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ } يعني: من البعث وغيره. قوله: { وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أُمَّهَـٰتِكُمْ } قرأ حمزة والكسائي " إِمَّهاتكم " بكسر الألف والباقون بالضم ومعناهما واحد وقال الزجاج: الأصل في الأمهات أمات ولكن الهاء زيدت مؤكدة كما زادوها في قولهم أهرقت الماء وأصله أرقت الماء { لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا } يعني: لا تعقلون شيئاً ويقال: لا تعلمون الأشياء كلها { وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَـٰرَ وَٱلافْئِدَةَ } تعقلون بها الخير والشر { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي: لكي تشكروا النعمة. ثم بين لهم العبرة ليعتبروا بها ويعرفوا بها وحدانيته فقال: { أَلَمْ تَرَوْا إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرٰتٍ } يقول: مذللات { فِى جَوّ ٱلسَّمَآءِ } قال ابن عباس: أي: في الهواء { مَا يُمْسِكُهُنَّ } عند قبض الأَجنحة وعند بسطها { إِلاَّ ٱللَّهُ إِنَّ فِى ذٰلِكَ } أي: فيما ذكرت { لآيَاتٍ } أي: علامات لوحدانية الله لمن علم أن معبودهم لم يعنه في ذلك يعني الكفار لا يعلمون متى يبعثون. وأيان كلمة الاختصار وأصله أي أوان؟ ثم قال تعالى { إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وٰحِدٌ } يعني ربكم رب واحد فاعبدوه ولا تعبدوا غيره { لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } أي: لمن آمن به، قرأ ابن عامر وحمزة " ألم تروا " بالتاء على معنى المخاطبة وقرأ الباقون بالياء. ثم قال: { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا } أي: خلق لكم البيوت قراراً ومأوًى لكم ويقال: معناه: سخر لكم الأرض لتبنوا فيها البيوت ويقال: معناه وفقكم لبناء البيوت لسكناكم وقراركم، فذكر النعم والمنن والدلائل لوحدانيته. ثم قال: { وَجَعَلَ لَكُمْ مّن جُلُودِ ٱلأَنْعَـٰمِ } أي: من الشعر والصوف والوبر { بُيُوتًا } أي: الفساطيط والخيام { تَسْتَخِفُّونَهَا } أي تستخفون حملها { يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَـٰمَتِكُمْ } أي: يوم انتقالكم وسفركم ويوم نزولكم { وَمِنْ أَصْوَافِهَا } أي: من أصواف الغنم { وَأَوْبَارِهَا } يعني: الإبل { وَأَشْعَارِهَا } يعني أشعار المعز (أثاثاً) أي: متاع البيت من الفرش والأكسية. وقال قتادة والكلبي: يعني: المال { وَمَتَـٰعاً إِلَىٰ حِينٍ } يعني: المنفعة حتى تعيشون فيه إلى الموت، ويقال: تنتفعون بها إلى حين تبلى، وتهلك وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو " ظعنكم " بنصب العين وقرأ الباقون بالجزم ومعناهما واحد.