الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } * { وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي ٱللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } * { بِٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } * { أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } * { أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ } * { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }

قوله: { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْءٍ } يعني: إن بعثهم على الله يسير { إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وحمزة " فَيَكُونُ " بضم النون وقرأ الباقون بالنصب. قوله: { وَٱلَّذِينَ هَـٰجَرُواْ فِى ٱللَّهِ } أي: هاجروا من مكة إلى المدينة في طاعة الله { مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ } أي عذبوا { لَنُبَوّئَنَّهُمْ فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً } أي: لننزلنهم بالمدينة ولنعطينهم الغنيمة، فهذا الثواب في الدنيا { وَلأَجْرُ ٱلأَخِرَةِ } أي: الجنة { أَكْبَرُ } أي أفضل { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } أي: يصدقون بالثواب. ثم نعتهم فقال { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } على العذاب { وَعَلَىٰ رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } أي: يثقون به ولا يثقون بغيره، منهم بلال بن حمامة وعمار بن ياسر وصهيب ابن سنان وخباب بن الأرت. قال مقاتل: نزلت الآية في هؤلاء الأربعة عذبوا على الإيمان بمكة. وقال في رواية الكلبي: نزلت في ستة نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسرهم أهل مكة وذكر هؤلاء الأربعة واثنين آخرين عابس وجبير مولى لقريش. فجعلوا يعذبونهم ليردوهم عن الإسلام. فأما صهيب فابتاع نفسه بما له ورجع إلى المدينة. وأما سائر أصحابه فقالوا بعض ما أرادوا ثم هاجروا إلى المدينة بعد ذلك ثم قال: قوله: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ } كما أوحى إليك وذلك أن مشركي قريش لما بلغهم النبي - صلى الله عليه وسلم - الرسالة ودعاهم إلى عبادة الله تعالى أنكروا ذلك وقالوا لن يبعث الله رجلاً إلينا ولو أراد الله أن يبعث إلينا رسولاً لبعث إلينا من الملائكة الذين عنده. فنزل { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ } إلى الأمم الماضية { إِلاَّ رِجَالاً } مثلك { نُّوحِى إِلَيْهِمْ } كما نوحي إليك. قرأ عاصم في رواية حفص " نُوحِي " بالنون وقرأ الباقون بالياء. ثم قال { فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذّكْرِ } أي: أهل التوراة والإِنجيل { إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ بِٱلْبَيّنَـٰتِ وَٱلزُّبُرِ } وفي الآية تقديم وتأخير، أي: وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم بالبينات والزبر. وروى أسباط عن السدي قال: البينات الحلال والحرام، والزبر كتب الأنبياء. وقال الكلبي: البينات أي: بالآيات الحلال والحرام والأمر والنهي ما كانوا يأتون به قومهم منها وهو كتاب النبوة ويقال: البينات التي كانت تأتي بها الأنبياء مثل عصا موسى وناقة صالح. وقال مقاتل: والزبر يعني: حديث الكتب ثم قال: { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذّكْرَ } يعني: القرآن { لِتُبَيّنَ لِلنَّاسِ } لتقرأ للناس { مَا نُزّلَ إِلَيْهِمْ } أي: ما أمروا به في الكتاب { وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } يتفكروا فيه ليؤمنوا به. ثم خوفهم فقال: { أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيّئَاتِ } أي: أشركوا بالله { أَن يَخْسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلأَرْضَ } يعني: أن تغور الأرض بهم حتى يدخلوا فيها إلى الأرض السفلى { أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } أي: من حيث لا يعلمون بهلاكهم.

السابقالتالي
2