الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ }

قوله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } يعني: الخراصين من أهل مكة. وروى أسباط عن السعدي قال: اجتمعت قريش فقالوا: إن محمداً رجل حلو اللسان إذا كلمه رجل ذهب بعقله، وفي رواية أخرى بقلبه فانظروا أناساً من أشرافكم فابعثوهم في كل طريق من طرق مكة على رأس ليلة أو ليلتين فمن جاء يريده ردوه عنه. فخرج ناس منهم في كل طريق فكان إذا جاء الرجل من وفد القوم ينظر ما يقول محمد - صلى الله عليه وسلم - فنزل بهم فقالوا له: أنا فلان بن فلان. فيعرفه بنسبه ثم قال أنا أخبرك عن محمد. فلا تنفر إليه هو رجل كذاب لم يتبعه إلا السفهاء والعبيد ومن لا خير فيه. أما أشياخ قومه وأخيارهم فهم مفارقوه فيرجعون أي: الوافدون وإذا كان الوافد ممن عزم الله له على الرشد يقول: بئس الوافد أنا لقومي إن كنت جئت حتى إذا بلغت مسيرة يوم رجعت قبل أن ألقى هذا الرجل وأنظر ماذا يقول، فيدخل مكة فيلقى المؤمنين فيسألهم ما يقول محمد - صلى الله عليه وسلم - فيقولون:خَيْرًا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِى هٰذِهِ ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةٌ } [النحل: 30] فذلك قوله: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } للمقتسمين من أهل مكة { مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ } يعني: ما الذي أنزل ربكم على محمد - صلى الله عليه وسلم - { قَالُواْ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } يعني: الذين يذكرون أنه منزل هو كذب الأولين وأحاديثهم قال الله تعالى { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ } أي: آثامهم { كَامِلَةٌ } أي وافرة { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } أي: لا يغفر لهم شيء، وذنوب المؤمنين تكفر عنهم من الصلاة إلى الصلاة ومن رمضان إلى رمضان ومن الحج إلى الحج وتكفر بالشدائد والمصائب وذنوب الكفار لا تغفر لهم ويحملونها كاملة يوم القيامة أي: يحملون وبال الذنوب التي عملوا بأنفسهم { وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ } أي: يصدونهم عن الإيمان { بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي: بغير عذر وحجة وبرهان ويقال من أوزار الذين يضلونهم أي: أوزار إضلالهم وهذا كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة. ثم قال: { أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ } أي: بئس ما يحملون من الذنوب، ويقال: بئس الزاد زادهم الذنوب.