الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { يُنَزِّلُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوۤاْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱتَّقُونِ } * { خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

قوله تعالى: { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } أي يوم القيامة ويقال يعني العذاب كقوله:حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ } [هود: 40] وقوله:أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا } [يونس: 24] أي؛ أتى أمر الله يعني: يأتي أي هو قريب لأن ما هو آتٍ آتٍ وهذا وعيد لهم إنها كائنة. وقال ابن عباس لما نزلت هذه الآيةٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَـٰبُهُمْ } [الأنبياء: 1] ثم نزلت بعدهاٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ } [القمر: 1] قالوا يا محمد تزعم أن الساعة قد اقتربت ولا نرى من ذلك شيئاً، فنزل { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } أي عذاب الله فوثب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائماً لا يشك أن العذاب قد أتاهم فقال لهم جبريل { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } قال فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد قيامه ثم قال: { سُبْحَـٰنَهُ } نزه نفسه عن الولد والشريك، ويقال: إرتفع وتعاظم عن صفة أهل الكفر فقال عز وجل: { وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } به من الأوثان. قرأ حمزة والكسائي " تُشْرِكُونَ " بالتاء على معنى المخاطبة. وقرأ الباقون بالياء بلفظ المغايبة. وكذلك ما بعده. ثم قال { يُنَزّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ } أي: جبريل { بِٱلْرُّوحِ } أي: بالوحي والنبوة والقرآن { مِنْ أَمْرِهِ } أي: بأمره. قال القتبي: مِنْ توضع موضع الباء كقولهيَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهٍِ } [الرعد: 11] أي بأمر الله وقال ها هنا " يلقي الروح من أمره " أي بأمره { عَلَىٰ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ } أي: يختار للنبوة والرسالة. وقال قتادة: ينزل الملائكة بالرحمة والوحي على من يشاء من عباده، يعني: من كان أهلاً لذلك. قرأ ابن كثير وأبو عمرو " يُنْزِلُ " بجزم النون من قولك أنْزَلَ يُنْزِلُ. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر " تَنَزَّلُ " بالتاء ونصب النون والزاي مع التشديد على معنى فعل ما لم يسم فاعله. وقرأ الباقون " يُنَزِّلُ " بالياء وكسر الزاي مع التشديد من قولك نَزّلَ يُنَزِّلُ. ثم قال تعالى: { أَنْ أَنْذِرُواْ أَنَّهُ } أي: خوفوا بالقرآن الكفار وأعلموهم أن الله واحد لا شريك له فذلك قوله: { لا إِلَـٰهَ إِلا أَنَاْ فَٱتَّقُونِ } أي: أطيعون ووحدون ثم قال: { خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } أي: للحق ويقال: للزوال والفناء { تَعَالَى } تنزه { عَمَّا يُشْرِكُونَ } به من الأوثان.