الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِي وَٱلْقُرْآنَ ٱلْعَظِيمَ } * { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { وَقُلْ إِنِّيۤ أَنَا ٱلنَّذِيرُ ٱلْمُبِينُ } * { كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى ٱلْمُقْتَسِمِينَ } * { ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ }

قوله: { وَلَقَدْ ءاتَيْنَـٰكَ سَبْعًا مّنَ ٱلْمَثَانِي } أي: فاتحة الكتاب { وَٱلْقُرْآنَ ٱلْعَظِيمَ } أي: سائر القرآن. وهذا قول ابن عباس وعليّ بن أبي طالب وابن مسعود. وروى مجاهد عن ابن عباس أنه قال: السبع المثاني السبع الطوال. وعن سعيد بن جبير قال: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس. قال لأنه يثني فيها حدود الفرائض والقرآن. ويقال: السبع المثاني والقرآن كله وهو سبعة أسباع سمي مثاني لأن ذكر الأقاصيص فيه مثنى كقوله:ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَـٰباً مُّتَشَـٰبِهاً مَّثَانِيَ } [الزمر: 23] وقال طاووس: القرآن كله مثاني، وقال أبو العالية المثاني فاتحة الكتاب سبع آيات، وإنما سمي مثاني لأنه يثنى مع القرآن كلما قريءُ القرآن، قيل: إنهم يزعمون أنها السبع الطوال، قال: لقد أنزلت هذه الآية وما أنزل شيء من الطوال، وسئل الحسن عن قوله سبعاً من المثاني. قال { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } حتى أتى على آخرها. وروى أبو هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " الحمد لله رب العالمين أم الكتاب وأم القرآن والسبع المثاني " وقال قتادة سبعاً من المثاني هي فاتحة الكتاب تثنى في كل ركعة مكتوبة وتطوع يعني: في كل صلاة، ويقال من المثاني أي: مما أثني به على الله تعالى لأن فيها حمدَ الله تعالى وتوحيده. " ومن " ها هنا على ضربين يكون للتبعيض، من القرآن أي: أعطيناك سبع آيات من جملة الآيات التي يثنى بها على الله تعالى وآتيناك القرآن العظيم، ويجوز أن يكون السبع هي المثاني كقوله:فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ } [الحج: 30] أي: اجتنبوا الأوثان. قوله: { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } أي: لا تنظرن بعين الرغبة { إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ } أي: إلى ما أعطيناهم في الدنيا. يعني: ما أعطيناك من القرآن أفضل مما أعطيناهم من الأموال فاستغن بما أعطيناك من القرآن والدين والعلم ولا تنظر إلى أموالهم. قوله: { أَزْوٰجاً مّنْهُمْ } أي: أصنافاً منهم وألواناً من الأموال. يعني: أعطينا رجالاً منهم. أي: المشركين منهم { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } أي: على كفار مكة إن لم يؤمنوا. لأن مقدوري عليهم الكفر ويقال ولا تحزن عليهم إن نزل بهم العذاب { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } يقول: لين جناحك عليهم أي: تواضع للمؤمنين { وَقُلْ إِنّى أَنَا ٱلنَّذِيرُ ٱلْمُبِينُ } أخوفكم بعذاب مبين بلغة تعرفونها { كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى ٱلْمُقْتَسِمِينَ } أي: كما أنزلنا العذاب على المقتسمين وهم الذين أقسموا على عقبات مكة ليردوا الناس عن دين الإسلام وعن الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ويقال: { إِنّى أَنَا ٱلنَّذِيرُ ٱلْمُبِينُ } بالقرآن كما أنزلنا التوراة والإنجيل على المقتسمين وهم اليهود والنصارى اقتسموا فآمنوا ببعض وكفروا ببعض وقال مجاهد: هم اليهود والنصارى فرقوا القرآن آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. ويقال: إن أهل مكة قالوا أقاويل مختلفة. قوله: { ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْءانَ عِضِينَ } أي: فرقوا القول فيه. قال بعضهم: سحر وقال بعضهم شعر وهذا قول قتادة. ويقال: أصله في اللغة: الفرقة يقال: فرقوه أي: عضوه أعضاء. يقال: ليس دين الله بالتعضية أي بالتفريق. وروى الضحاك عن ابن عباس أنه قال: جزؤوه وجعلوه أعضاء كأعضاء الجزور.