الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } * { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ } * { لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { ٱدْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ } * { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَٰناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ } * { لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ }

{ إِنَّ عِبَادِى } أي: عبادي الذين لا يطيعونك { لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ } أي: حجة ولا ملك ولا أسلطك عليهم. كقوله:إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } [النحل: 99] ثم قال: { إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } أي: من أطاعك من الكافرين، ويقال: معناه: إنما نفاذ دعوتك ووسوستك لمن اتبعك من المشركين، ثم بين مصير من اتبعه ومصير من لم يتبعه فقال: { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ } أي: لمصير من اتبعه { لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ } أي: سبعة منازل { لِكُلّ بَابٍ مّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ } أي: لكل منزل صنف ممن يعذب من الكفار على قدر منزلته من الذنب نصيب معروف، أسفلها: هاوية. وهي لآل فرعون ولأصحاب المائدة الذين كفروا بعيسى وللمنافقين والزنادقة، والثانية: لظى وهي منزلة المجوس والثنوية الذين (قالوا بإلهين) والثالثة: سقر وهي منزلة المشركين وعبدة الأوثان والرابعة: الجحيم وهي منزلة اليهود الذين كذبوا الرسل وقتلوا أنبياء الله بغير حق والخامسة: الحطمة وهي منزلة النصارى الذين كذبوا محمداً - صلى الله عليه وسلم - وقالوا قولاً عظيماً والسادسة: السعير وهي منزلة الصابئين ومن أعرض عن دين الإسلام وخرج منه والسابعة: جهنم وهي أعلى المنازل وعليها ممر الخلق كلهم وهي منزل أهل الكبائر من المسلمين. وقال ابن عباس في رواية أبي صالح الباب الأول: جهنم والثاني: السعير والثالث: سقر والرابع الجحيم والخامس لظى والسادس الحطمة والسابع الهاوية. وقال بعضهم: جهنم اسم عام يقع على الإدراك كلها. والأول أصح إن جهنم اسم لا يقع على الإدراك. وهكذا روي عن جماعة من الصحابة ثم قال تعالى: { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ } أي: الذين يتقون الشرك والفواحش ويتقون إجابة الشيطان في بساتين وعيون طاهرة { ٱدْخُلُوهَا } أي: الجنة { بِسَلامٍ } يعني: مسلمين آمنين ويقال سالمين ناجين من العذاب { ءامِنِينَ } أي: من الموت والخوف وإبليس والعزل والحوادث والآفات والعاقبة والقطيعة والفراق. قوله: { وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مّنْ غِلّ } أي: من حسد وعداوة كانت بينهم في الدنيا، ويكونون في الآخرة { إِخْوَانًا } صار نصباً على الحال { عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ } أي: متزاورين متحدثين. وروى سفيان عن منصور عن إبراهيم أن علياً قال أرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال الله فيهم { وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مّنْ غِلّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ } وروى ربعي بن خراش قال: قال رجل من همدان فقال: يا أمير المؤمنين الله أعدل من ذلك، فصاح به عليٌ فقال إذا لم نكن نحن فمن هم؟ ثم قال { لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ } يقول: لا يصيبهم في الجنة تعب ولا مشقة { وَمَا هُمْ مّنْهَا بِمُخْرَجِينَ } أي: من الجنة.